هيئة الإعلام والاتصالات… صمّاء أمام التحريض، وتبصر فقط صوت المظلومية (سلام عادل صوت الجنوب)
بقلم _ضياء ابو معارج الدراجي
في زمنٍ يتشدّق فيه الجميع بالحرية والدستور، تطلّ علينا هيئة الإعلام والاتصالات في العراق بوجهين؛ أحدهما أخرس أمام الأصوات الطائفية النافخة في نار الفتنة، التي تدعو للتنكيل بالشيعة علنًا، وتبجّل حزب البعث المجرم وطاغيته المقبور، وتبرر مجازره القذرة وكأنها مآثر قومية! أمّا الوجه الآخر، فهو غليظ متيقظ متحفز لا يخطئ صوتًا كصوت الإعلامي سلام عادل، حين يتحدث بحرقة عن الجنوب ومظلوميته، عن التهميش، عن المقابر الجماعية، عن الضيم الذي لا يزال قائمًا بثياب جديدة.
الهيئة التي لم ترَ أو تسمع القنوات والمواقع التي تبثّ السموم الطائفية ليلًا ونهارًا، قررت فجأة أن تُبصر، وتتحرك، وتصدر قرارًا سريعًا بإيقاف سلام عادل لثلاثة أشهر، فقط لأنه واجه ماكينة القتل الأموي التي لا تزال رواسبها حيّة في عقول بعض المتنفذين بالإعلام والمجتمع.
سلام عادل لم يشتم، لم يحرض، لم يدعُ للانتقام، بل تكلم بصوت المظلوم، ومَن يتكلم بصوت المظلوم في عراق اليوم يُجرَّم، بينما يُترك صوت الظالمين يسرح ويمرح دون حسيب أو رقيب. أين كانت الهيئة حين كانت منصات تنفث الكراهية وتحرض على أبناء الجنوب والشيعة؟ أين كانت حين استُضيف البعثيون وراحوا يبيضون صفحة الجلاد صدام حسين على الهواء مباشرة؟
ما يحدث ليس خطأً إداريًا، بل موقفٌ سياسي واضح من إعلامٍ يخشى الحقيقة ويخنق من يتحدث عنها. الجنوب الذي قدّم قوافل الشهداء دفاعًا عن العراق، وذاق الويل من البعث الصدّامي، من حقه أن يجد من يتحدث باسمه. فهل أصبح الدفاع عن المظلوم تهمة؟ وهل صار التذكير بالضحايا يهدد “السلم المجتمعي”؟ أي سلمٍ هشٍّ هذا الذي يهتزّ من صوت سلام، ويصمد أمام قصف الطائفية؟
على هيئة الإعلام والاتصالات أن تعلم أن التاريخ لا يرحم، وأن ازدواج المعايير هو أقصر طريق لفقدان الثقة العامة. فالعراق لن يُبنى بكتم الأصوات الشريفة، بل بفضح المجرمين، لا بحمايتهم، وبإنصاف الضحايا، لا بإسكاتهم.