وَجَحَدُوا بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا، فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ.
بقلم _طُوفَانُ الجُنَيْدِ
آيَاتُ النَّصْرِ… مِنْ مَرَّانَ إِلَى يَافَا وَعَسْقَلَانَ
منذ انطلاقةِ المشروعِ القرآني قبل عقدينِ ونيِّف من الزمن، على يدِ القائدِ القرآنيِّ، الحُجَّةِ العَلَم، الشهيدِ القائدِ حسين بدر الدين الحوثي رضوانُ الله عليه، في محافظةِ صعدة، ومع ثُلَّةٍ مؤمنةٍ قليلةٍ من الشبابِ المؤمن، بدأت تتشكَّل القاعدةُ الأساسيةُ للهُويَّةِ الإيمانيَّةِ اليمنيَّة، ويُخطُّ دربُ المسيرةِ القرآنيةِ الجهادية. وانطلق معها شعارُ الصرخة والبراءةُ من أعداءِ الله وأعداءِ الإنسانيَّة: أمريكا وإسرائيل.
وكانت بدايةُ انطلاقِ الشعار من جامع الإمام الهادي وفي جبل مرَّان، حين بدأت أمريكا وأولياؤها يشعرون بالخطر الذي يُهدِّد مصالحهم في اليمن، فأوعزوا للنظامِ الحاكم بمحاربةِ هذا النهجِ القرآنيِّ، والفكرِ الإنسانيِّ، والنورِ الإيماني.
فقام الظالمون باستهدافِ المؤمنين، وتضييقِ الخناقِ عليهم، واعتقالِهم والتنكيلِ بهم، وشنّوا حربًا عسكريةً وإعلاميَّةً واقتصاديةً وتحريضيَّةً على القائدِ المؤسِّس، سُمِّيَت بالحربِ الأولى، والتي استمرَّت أكثرَ من عام، ارتُكِبَت فيها أبشعُ الجرائمِ والمجازرِ والانتهاكاتِ في حقِّ أبناءِ صعدة، وفي حقِّ أسرةِ الشهيدِ القائدِ وكلِّ الموالين له.
سقط القائدُ المؤسِّس شهيدًا خالدًا، كرَّارًا غيرَ فرَّار، مُقْبِلًا غيرَ مُدبِر، وسقط معه العديدُ من الرَّبَّانيينَ والمواطنين الأبرياء: أطفالٌ ونساءٌ وشيوخ، وهُدِّمت المساكنُ على رؤوسهم. وهنا بدأت تترتَّل آياتُ النصرِ والتأييدِ الإلهيِّ لعبادِه المؤمنين.
واستمرَّ الجهادُ والكفاح، وتسلَّم رايةَ الجهادِ والتحررِ الشابُّ المجاهدُ الشجاعُ الكرار، الواثقُ بالله، المتوكِّلُ عليه، المنصورُ بملائكته: السيِّدُ القائدُ المجاهد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي – سلامُ الله عليه –.
قاد المواجهةَ في ستِّ حروبٍ متتالية، ولم يدخل حربًا إلَّا وخرج منها منتصرًا، رغم استخدامِ العدوِّ وسائلَ قمعيَّةً شتَّى: الترهيب، والخداع، والحصار، والتجويع، والتشويه، بالإضافةِ إلى الأسلحةِ المحرَّمةِ دوليًّا، والطيرانِ الأمريكيِّ والسعوديِّ، إلى جانبِ النظامِ المستبدِّ العبدِ الطائعِ بكلِّ عُدَّته وعَتاده.
وجاءت الوساطاتُ وتدخَّلت بعضُ الدولِ المجاورة لوقفِ هذه الحروب التي كانت تُخفقُ أحيانًا وتنجحُ أحيانًا أخرى، حتى بدايةِ عام 2009م، حيث أُوقِفَت الحربُ وأُقيمت هدنةٌ دائمة، إلى أن جاءت ثورةُ الربيعِ العربيِّ.
وكان للأنصارِ دورٌ بارزٌ وفعَّالٌ في إنجاحِ الثورةِ بالطرقِ السِّلميَّة، ولكن شركاءَ الثورةِ كانت نواياهم سيئة، وأرادوا الاستئثارَ بها، بتوجيهٍ من العدوِّ الأمريكيِّ والسعوديِّ والصهيوني.
لكنّ الأنصارَ صمدوا، وقدَّموا نموذجًا راقيًا لمبدأِ الشراكةِ الوطنيَّة.
غير أن السلطةَ المرتهَنة للخارج لم تهدأ، وبدأت بافتعالِ الأزماتِ والاغتيالاتِ لقادةِ الأنصار، بدعمٍ مباشرٍ من العدوِّ الخارجي، الذي أسهم في انهيارِ الاقتصادِ اليمني وتدهوره.
مما اضطرَّ الأنصارَ إلى القيام بثورةٍ في العام 2014م، للمطالبة بتحسينِ الوضعِ المعيشي، واستقلالِ القرارِ اليمني، وقطعِ يدِ الوصايةِ الأمريكيَّةِ والخليجيَّةِ على الوطن.
فأثارَ ذلك غضبَ أمريكا وأدواتِها، وشعروا بأنّ البساطَ يُسحب من تحتِ أقدامِهم، فتشكَّل تحالفٌ عربيٌّ بقيادةِ السعودية ومعها أكثرُ من عشرينَ دولة، بالإضافةِ إلى مرتزقةِ الداخل، بدعمٍ أمريكيٍّ وصهيوني.
وشنَّت الحربُ تحت مُسمّى “عاصفة الحزم” في 26 من مارس 2015م، وقصفوا كلَّ شيءٍ في اليمن، وأحرقوا الشجرَ والحجر، وفرضوا حصارًا شاملًا برًّا وبحرًا وجوًّا.
لكن، وعلى مدى سبعِ سنواتٍ متواصلة، كانت آياتُ النصرِ الإلهيِّ تُترجَم على أرضِ المعركة، فجعلت من الأنصارِ وأحرارِ الشعبِ اليمني أسطورةً حيَّة أذهلت العالم، وأربكت العدوَّ وأدخلته في دوَّامةِ الانهيار.
فاضطرَّ إلى عقدِ هدنةٍ والانخراطِ في الحلولِ السلمية، التي راوحت بين المدِّ والجزر. وتمّ الاتفاقُ مع السعوديِّ على خارطةِ طريقٍ للسلام، مقبولةٍ نسبيًّا من جميعِ الأطراف.
لكن… طوفانُ الأقصى في 7 أكتوبر 2023م كان الحدثَ المفصليّ، حيث طغى على المشهدِ العام، وأخذ حيِّزًا واسعًا من توجهِ القيادةِ القرآنيةِ اليمنية.
فاتخذت موقفًا إيمانيًّا وإنسانيًّا وعروبيًّا أصيلًا داعمًا لغزَّة وأبطالِها المقاومين، وتمَّ تشكيلُ جبهةٍ عسكريةٍ مساندة مثَّلت رأسَ الحربة في محورِ المقاومة، وفرضت حصارًا بحريًّا مُحكمًا على سفنِ العدوِّ، وقُصِفَ الكيانُ الصهيونيُّ في عقرِ داره، وأُغلِقَ ميناءُ إيلات نهائيًّا، وتكبد الكيانُ خسائرَ اقتصاديةً ضخمة.
هذا الموقفُ الثابتُ، الصادقُ، الشجاعُ، والفعّال، حيَّر الأعداء، وأصابهم بالذعر، ما دفعَ أمريكا إلى تشكيلِ تحالفٍ دوليٍّ، وجلبِ حاملاتِ طائراتٍ وبوارجَ إلى البحرِ الأحمر، لحمايةِ الكيانِ الصهيونيِّ وكسرِ الحصارِ عنه، كي يتمكن من الانفرادِ بغزة وارتكاب المجازر.
وهنا… تجلَّت البطولةُ والعزيمةُ والإرادةُ الصلبةُ لرجالِ الله وأنصارِه، فالتفَّ الشعبُ حول قائدِه، وذاق العدوُّ الأمريكيُّ والصهيونيُّ ويلاتِ التنكيلِ والضرباتِ الحيدريَّةِ الصاعقة، التي كان آخرُها ضربُ مطارِ اللُّدِّ الصهيونيِّ وإغلاقُه، وفرضُ حظرٍ جويٍّ عليه، وإذلالُ أمريكا في البحر، وكسرُ هيبتِها.
تمَّ التأسيسُ لمرحلةٍ تاريخيَّةٍ فريدةٍ ونوعيَّةٍ في الصراعِ مع قوى الاستكبارِ والهيمنة، وكُسِرَ أنفُ الشيطانِ الأكبر – أمريكا – وسقطت هيبتُها، وانهارت صناعتُها الوهميَّة في وادٍ سحيق.
وتجلَّت آيةُ النصرِ العظيمِ لليمنِ ورجالهِ وقيادتهِ الحيدريَّةِ بشكلٍ واضح، جعل الأمريكيَّ يخضع، ويطلبُ اتفاقًا مع اليمنيين، قضى بتوقُّفِه عن استهدافِ اليمن، مقابلَ السماحِ لسفنِه بالمرور.
وتخلَّى عن حليفِه الحميمِ “إسرائيل” ليُواجهَ مصيرهُ منفردًا في معركةٍ خاسرةٍ… لأوَّلِ مرَّةٍ في التاريخ!
لكنه هو الله… قاهرُ الجبارين، وناصرُ المستضعفين، ومحقِّقُ وعدِه لأوليائِه الصادقين.
نحمدُه ونشكرُه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه.
#معركةُ الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدَّس