[ نظام الجولاني يفقد المشروعية باعتدائه على نصف شعبه ] 

بقلم _  عمر كنجو

 

تفاءل الكثير من السوريين بزوال نظام البعث السوري الذي كانت له حسناته وسيئاته طيلة أكثر من خمسة عقود حكم بها سورية ، وهو النظام الذي جاء بعد مخاض عسير من الانقلابات والتغيرات شهدتها سورية قبل نظام حافظ الأسد الذي استطاع توحيد الرأي على حكمه والنهوض بسورية صناعياً وزراعياً وأن يجعلها رقماً صعباً في المعادلات السياسية الإقليمية والدولية ؛ وأن يحتضن حركات المقاومة في فلسطين ولبنان ، وأن يحافظ على استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي وأمني داخلي لحين بدأ ما يسمى ” الربيع العربي ” الذي أعاد سورية عقوداً إلى الوراء ، وانتهى بعقوبات اقتصادية أمريكية عبر ما عُرف بقانون قيصر أنهكت الشعب ، وتكللت بانقلاب بدعم تركي مباشر على الحكم قاده الجولاني المعروف الانتماء لداعش وأخواتها .. والذي كثُر الحديث عن وثائق تثبت ارتباطه بالمشروع الصهيوني لدولة إسرائيل الكبرى ..

وما لبث أن قام الجولاني بتغيير إسمه ومظهره الداعشي وطرحه النظري ، ولكن بقي داعشياً في الممارسة من خلال قيام مجموعاته المسلحة بقطع الرؤوس والاعتداء على المسيحيين بالقتل والإعدام ، ومن خلال الإبادة الجماعية للرافضة والنصيرية ولفلول النظام البعثي الذين ينتمي الكثيرون منهم للطائفة السنية ، هذا إلى جانب صراعه على السلطة مع بعض حلفائه الذين تعاونوا معه للقضاء على نظام الأسد ..

والملاحظ أن نظام الجولاني الجديد لم يتمكن من إعادة النازحين السوريين الموجودين خارج البلاد والذين يقدر عددهم بربع الأمة السورية لو أضفنا لتعدادهم الذين نزحوا بعد سقوط النظام ..

كما أمعن نظام الجولاني بالعدوان على الشيعة والعلويين والسنة من المستقلين ومن فلول النظام السابق ومن الحلفاء الذين اختلفوا معه على طبيعة وكيفية الحكم في المرحلة الانتقالية والذين يشكلون في مجموعهم الربع الآخر للأمة السورية ..

وعليه فيكون نظام الجولاني الجديد قد اعتدى على نصف شعبه !

فكيف لنظام يعتدي على نصف شعبه أن يستقيم حكمه ويكسب المشروعية ؟

وقد وقع بذلك نظام الجولاني المهزوز والمؤقت والانتقالي بما وقع فيه نظام البعث السابق ، وعليه فهو لن يختلف عن نظام البعث من هذه الجهة ، كما لن يختلف معه في الإرهاب لو صحت روايات سجن صيدنايا وما كشفه الإعلام من جرائم النظام البعثي السابق ..

وهذا يدعو لثورة جديدة على النظام الجديد قد تكون قد بدأت بوادرها بتظاهرات دمشق الخجولة والقمع الذي تعرضت له ، وبالتظاهرات التي حصلت أمام البيت الأبيض المنددة بالجرائم التي ضد الإنسانية والتي مارستها وتمارسها فلول النظام الجولاني في حلب وحمص والساحل السوري ومناطق أخرى من الوطن السوري الغالي .. وبالمواقف التي أطلقتها بعض القيادات التي شاركت في إسقاط نظام الأسد والتي هاجمت بعنف تفرد الجولاني بالسلطة وطرحه نفسه رئيساً دون عملية انتخابية تكسبه المشروعية والتأييد ، بل اعتمد أسلوب الدكتاتورية بفرض نفسه على رأس السلطة لمدة انتقالية طويلة ، في حين جرت العادة والعرف على أن تكون فترة الحكم الانتقالي لأشهر في الانقلابات لا لسنين .. !!

فهل سنشهد سقوطاً قريباً مدوياً لفلول النظام الجديد بعد كل هذه المعطيات ؟ أم سنشهد المزيد من محاولات بائسة لإضفاء المشروعية على النظام الجديد ؟

خصوصاً أن هذا النظام لم يحمِ وحدة البلاد ، ولا تمكن من منع إسرائيل وحلفائها من الاعتداء على أرض الوطن الغالي واحتلال أجزاء مهمة من حدوده وعمقه ؟

فهل ستحل اللعنة على فلول النظام الجديد كما حلت على فلول النظام السابق ؟

الأيام القليلة القادمة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال .. وإن غداً لناظره قريب ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى