إسرائيل بين التصعيد والتحديات الإقليمية كيف تواجه حربًا متعددة الجبهات؟؟

بقلم _ د محمد حسن الرقيمي

منذ أن أعلنت إسرائيل تصعيد عملياتها العسكرية في قطاع غزة لم يكن المشهد الإقليمي أكثر تعقيدًا مما هو عليه اليوم فإسرائيل التي لطالما اعتمدت على تفوقها العسكري المطلق في المنطقة وجدت نفسها في مواجهة غير تقليدية حيث لم يعد التهديد محصورًا في المقاومة الفلسطينية داخل غزة بل امتد ليشمل ضربات بعيدة المدى قادمة من اليمن تضاف إلى تحديات داخلية وخارجية تهدد أمنها واستقرارها

إسرائيل تسعى لتصفية المقاومة الفلسطينية بأي ثمن

مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة كان الهدف المعلن لإسرائيل القضاء على حركة حماس واستعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في القطاع إلا أن هذه الحرب التي كان يفترض أن تكون سريعة وحاسمة وفقًا للتقديرات العسكرية الإسرائيلية تحولت إلى نزاع طويل الأمد أظهر قدرة المقاومة الفلسطينية وخاصة كتائب القسام على الصمود والتكيف مع الظروف المتغيرة

لم تكتف المقاومة الفلسطينية بالدفاع بل انتقلت إلى الهجوم عبر عمليات نوعية أربكت الجيش الإسرائيلي مكبدة إياه خسائر فادحة في الأرواح والمعدات الهجمات الصاروخية المتواصلة على المدن الإسرائيلية إلى جانب الكمائن المتقنة داخل غزة فرضت معادلة جديدة تجبر إسرائيل على مراجعة حساباتها بعد أن أصبحت تدرك أن إنهاء وجود حماس عسكريًا أمر شبه مستحيل

إسرائيل في عزلة هل تخلّت عنها واشنطن

في خضم هذه المعركة الشرسة كانت إسرائيل تعتمد على الدعم الأمريكي المطلق سواء في توفير الأسلحة المتقدمة أو الدعم السياسي واللوجستي لكن المفاجأة كانت أن الولايات المتحدة لم تتدخل عسكريًا بالشكل المتوقع مكتفية بالمساندة الدبلوماسية وإمدادات الأسلحة

هذا التحول في موقف واشنطن أثار صدمة لدى القيادة الإسرائيلية حيث وجدت نفسها مضطرة لمواجهة التحديات العسكرية وحدها دون تدخل أمريكي مباشر ومع استمرار الضغط السياسي الداخلي في الولايات المتحدة وخاصة من الجماعات الرافضة للحرب أصبح الدعم الأمريكي أقل فعالية مما كانت تأمله إسرائيل مما زاد من حالة الارتباك داخل دوائر صنع القرار في تل أبيب

جماعة أنصار الله توسع دائرة الصراع

وكأن الوضع لا يكفي لإسرائيل جاءت الضربة اليمنية لتزيد الطين بلة ففي تطور غير مسبوق أعلنت جماعة أنصار الله في اليمن عن استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي فرط صوتي تسبب في توقف حركة الملاحة الجوية وإثارة حالة من الذعر داخل إسرائيل

هذه الضربة لم تكن مجرد رسالة رمزية بل تعكس دخول اليمن بقوة إلى دائرة الصراع حيث باتت إسرائيل اليوم تواجه تهديدات من جبهتين غزة واليمن فإضافةً إلى آلاف الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية أصبحت تل أبيب الآن معرضة أيضًا لضربات بعيدة المدى من صنعاء في تصعيد خطير يحمل دلالات استراتيجية كبيرة

الحرب على أكثر من جبهة هل تستطيع إسرائيل الصمود

إذا كانت إسرائيل تواجه تحديات هائلة في غزة فإن إضافة جبهة اليمن إلى الصراع يعقد الأمور بشكل أكبر فالهجمات اليمنية ليست مجرد ضغط نفسي بل تحمل تداعيات عسكرية خطيرة خاصة مع فشل منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية والأمريكية في اعتراض الصاروخ الذي استهدف مطار بن غوريون

القيادة الإسرائيلية تدرك أن هذه الحرب أصبحت أصعب مما توقعت فالرهان على الحسم السريع لم يتحقق والتكلفة العسكرية تتزايد يومًا بعد يوم ومع استمرار ضربات المقاومة الفلسطينية واستهداف المنشآت الحيوية داخل إسرائيل إلى جانب التهديد اليمني المتصاعد يبدو أن تل أبيب أمام مرحلة جديدة غير مسبوقة من الحرب حيث أصبحت محاصرة بتهديدات متعددة من أطراف مختلفة

الخسائر الإسرائيلية المتزايدة هل يتحقق النصر أم ينهار الاحتلال

في ظل هذه الظروف أصبح الحديث عن نصر إسرائيلي مسألة معقدة فالاحتلال الإسرائيلي الذي اعتاد على الهيمنة العسكرية يواجه اليوم واحدة من أصعب المعارك في تاريخه الضربات الفلسطينية المستمرة والتصعيد اليمني المتنامي إلى جانب تراجع الدعم الأمريكي المباشر كلها عوامل تضغط على إسرائيل وتجعلها أمام سيناريوهات لم تكن تتوقعها

وفي ظل هذه التطورات يبقى السؤال الأهم هل تستطيع إسرائيل الصمود أمام كل هذه التحديات أم أن الضغوط المتزايدة ستؤدي إلى خسائر فادحة تجبرها على إعادة النظر في سياساتها العدوانية الأيام القادمة ستكشف مدى قدرة الاحتلال على مواجهة هذه الحرب متعددة الجبهات لكنها بالتأكيد لن تكون معركة سهلة أو قصيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى