الإمامُ الرؤوف، شواهدٌ تتجلّى..

بقلم _كوثر العزاوي

كثيرة هي الصفات التي يشترك بها المخلوق مع خالقه ولعلّ أكثرها جمالًا هي صفة{ الرأفة} التي قيل انها أرقّ من الرحمة، أي: منتهاها وكمالها واشْتدادها، ولذلك قُدِّمت الرأفة على الرحمة كما جاء في وصف النبيّ “صلى الله عليه وآله” في قوله تعالى-﴿…حَرِيصٌ عَلَيكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ﴾التوبة١٢٨
قال ابن عبّاس: “سمّاه الله باسمَين من أسمائه {رؤوف رحيم} وفي الجمع بينهما دلالة على أنّ في كلّ منهما معنى ليس في الآخر على نحو ما ذكره أهل العلم، ومما ذكروه أيضا أنّ الرؤوف هنا بمعنى”شديد الرحمة”ولا تكاد تقع في الكراهة، والرحيم الذي يريد لهم الخير، وقيل: رؤوف بالطّائعين، ورحيم بالمذنبين، هذا ماجاء بشأن رسول الله “صلى الله عليه وآله” كما لايختلف اثنان على أنّ أولاده المعصومين من آله “عليهم السلام” قد اكتسبوا هذه الصفة الملكوتية لتصبح جزءً يتجلّى من كيان كل معصوم، ولاعجب فهم ذريّة بعضها من بعض!! بَيدَ أنّ الإمام الثامن المعصوم عليّ بن موسى الرضا “عليه السلام” قد أحرز هذا اللقب المبارك فسمّيَ “بالرؤوف” وذلك لسببِ مانقَلَتهُ كتبُ السيرة في مناسبة معينةٍ عن رجل فقير كان أعمى، يتسوّل عند باب روضة الإمام عليّ بن موسى الرضا، “عليه السلام”، ويسأل الناس حاجته، وعند ازدحام الزوار كان يفرح وهو يسترق السمع من هنا وهناك ليحصل على صدقات أكثر من الناس والمارّة، فكأنّ هذا الفقير خالَطهُ اعتقاد، أنّ صاحب هذا المقام هو سبب رزقهِ لشدة رأفتهِ بالفقراء أمثاله!! نعم! وكلّنا يعتقد بأنّ الأمام الرضا “عليه السلام” يُعرَف بصفة الرحمة والرأفة ولم تقتصر هذه الصفة على تعامله مع عائلته و أقربائه فقط إنما شملت كل من عرفَه قريبًا أو غريبًا! أمّا كونهُ الموصوف “بالرضا” من آل محمد
فقد بيَّنَ لنا الإمام الجواد “عليه السلام” علة تسمية الرضا بذلك: {لأَنه رضيَ بهِ المخالِفون من أعدائهِ كما رضيَ الموافِقون من أولِيائه ولم يكن ذلك لأَحد من آبائه “عليهم السلام” لذا سُمّيَ من بينهم بالرضا “عليه السلام”. وبشكل عام، أثبتت الشواهد التاريخية أنه إذا اتّخذ المؤمن نمط الحياة الرضوية قدوة لحياته، فإن الكثير من المشاكل والعادات السيئة في حياتنا الفردية والاجتماعية ستُحَل وتزول، وثمّة الكثير من الروايات في حياة الإمام الرضا “عليه السلام” تدلّ على حقيقة تجليات رأفته واقعيًا، حسبما ورد عن طريق أصحاب السير والتأريخ في كتبهم وموسوعاتهم، إذ ترى معاجزه “عليه السلام” وبراهينه الساطعة في شتّى الموضوعات، سواء كانت في حياته أو بعد شهادته على مدى الدهور والعصور.
وماذلك إلّا دلالة واضحة على ما يتمتّع به الامام الرضا “عليه السلام” من القداسة والقرب والكرامة عند الله سبحانه وتعالى وهذا شأن آبائه المعصومين الذين هم أبواب الله ورحمته الواسعة.
ويحضرني بيت شعر في مدحه “عليه السلام”:
للإمام الرضا مناقبَ شتى*
قد رَوَتها الأصحاب والأعداء.
يَعجَز الحاسِبون عن نشر بعضٍ* ومحالٌ لكلَّها الإحصاء.

نبارك لكل الموالين هذه الذكرى الميمونة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى