ثروة الإنسان الحقيقة هي هدى الله
بقلم _ بشرى المؤيد
الله سبحانه وتعالى ذكر في قرآنه الكريم أن الحياة عبارة عن “لهو ولعب” أي يمر عمر الإنسان إذا لم يستثمره و يستغله في معنى إدراكه لوجوده في الحياة كلمح البصر لا يدري به الزمن إلا وقد ذهب عمره فيما لا يؤسس بيته الدائم بالأعمال الصالحة و الحسنات و الإحسان إلى الآخرين فجعل حياته كلها لهو ألهته عن ذكر الله
فمن يدرك حقيقة وجوده يجب أن يستثمره فيما يرضي الله في الخير “وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ ٱلْءَاخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ” يمر عمر الإنسان بسرعة وما يوقظه أو يجعله يتحسر على ما مضى إلا حين يقترب الموت منه فيرى شريط حياته يمر عليه حينها إن كان إنسانا فيه الخير سيسعد بلقاء الله و يستبشر بمقعده في الجنة وإن كان إنسانا طغى عليه الشر كانت أعماله كالسراب ليس منها فائدة لهو ولعب عملها في أعمال الشر،و مؤاذات الآخرين، أجرم و تكبر وقتل وجوع عباد الله فسيخاف من لقاء الله لأن العذاب ينتظره بما قدم من أعمال و ظلم ظلم بها الناس.
وهناك أمثلة كثيرة من الذين كونوا ثروات لكنها لم تخدمهم كما قرأنا قصة الثري المشهور الذي أقفل عليه باب خزانته ولم ينتبه أحدا لغيابه لأنه كثير السفر فظن عائلته أنه مسافر عطش و جاع فكتب بدمه على الباب “مات أثرى أثرياء العالم ولم يستطع أن يشتري خبزا بماله” وبعد فترة من الزمن إكتشفوا أنه ميت جمب أمواله وذهبه الذي لم ينقذه من الجوع.و أيضا “ستيف جوبز” لم يدرك أن المال ليس له أي فائدة و لا يستطيع أن يشتري له صحة ولا حياة جديدة تجعله يحيا من جديد. وهناك امثلة أخرى على من يملكون الأموال الطائلة لا يستطيعون أن ينقذوا أنفسهم من إبتلاءات تنزل عليهم.
فالمال هو مجرد “وسيلة” وليس “غاية” وسيلة لتسهيل الأمور، ولقضاء الحاجات التي يحتاجها الإنسان في حياته، لعمل الخير و التصدق و إيتاء الزكاة منها لأنها فرض من رب العالمين للفقراء والمساكين، لعمل مشاريع إستثمارية لإتاحة الشباب فرص العمل وكسب المال، ….و هنام طرق كثيره في إتجاه الخير.
أما إن كانت غاية تبرر له أي وسيلة يتبعها ونفس الإنسان ضعيفة فممكن من خلال كسبه للمال قد يظلم، قد يتنازل عن مبادئه و قيمه من أجل الثراء، قد يسلك طرق غير سوية، قد يكون هذا الكسب الذي يجعله ثري بالحرام ؛ فيجعل طريق حياته غير سعيد وفي غير مرضاة الله. سيحقق غايته وينجح لكنه خسر نفسه وخسر الآخرين. هذا إن سلك مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة” فهو مستعد لعمل أي شيئ وأي وسيلة توصله للثراء. أما الذين وصلوا لثرائهم بكدهم وتعبهم وكانت طرقهم صحيحة وأنفقوه فيما يرضي الله وأعمالهم الخيرة الإنسانية فسبحانه سيبارك لهم في مالهم وأعمالهم.
إذا ، من يفتح الله عليه وكان كسبه حلالا فليجعله في مرضاة الله يسعد نفسه ويسعد الآخرين بما أتاه الله له من مال وينفقه في الخير ويشكر الله و يحمده على نعمه التي لا تعد ولا تحصى”
“الله يرزق من يشاء بغير حساب” وقال تعالى “لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ”
فمن عمل لدنياه و عمل حساب الآخره وعمل لها فلن يضيع الله أجره وسيسعد في الدارين “الدنيا و الآخرة”
فما قاله ستيف إلا وصايا أدركها مؤخرا أن الثروة ليست هي كل شيئ و إنما السعادة هي في إسعاد قلوب الآخرين و إنفاق المال فيما يرضي الله وأن لا يستحوذ الإنسان عليها .
كل من أدركوا حقيقة الحياة بعد فوات الأوان كما أخبرنا القرآن الكريم يريدون الرجوع للدنيا ! لماذا؟ ليعملون صالح الأعمال لأنهم إكتشفوا أن من كان يعملون في الدنيا أعمال صالحة هم الذين فازوا في الدارين وكما في المثل “إعمل لدنياك كأنك تعمل لآخرتك” فالدنيا ليست هي الحياة الأبديه فالإنسان فيها ضيف وإنما الحياة الحقيقية هي الآخرة التي ستقضي حياتك الأبدية إما جنة أو نار “حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ”
وكما قال السيد عبدالملك الحوثي/ فيما معنى كلامه في إحدى محاضراته “في الدنيا هناك فسحة تستطيع من خلالها إصلاح أعمالك و تتوب لكن في الآخرة تأتي ملائكة العذاب و يأخذومك بقوة و يلقون بك في جهنم نعوذ بالله منها”
فثروة الإنسان الحقيقية هي هدى الله التي يهتدي بها في مسيرة حياته ترشده، تبصره، تزكيه، تعلمه، و تجعله يسلك طريق الخير متمسكا بكل ثوابته وقيمه يسعى لكسب أمواله بالحلال والله سبحانه هو من يفتح أبواب الرزق بمصاريعها لمن أراد من عباده وإهتدوا بهديه.