نوايا خفية بين اتفاق الانسحاب والتجسس الميداني.. ماذا تريد أمريكا من العراق؟

كنوز ميديا – متابعة

تشهد العاصمة بغداد في الآونة الأخيرة تحركات لافتة لعناصر ومجاميع أميركية يعتقد بانتمائها لأجهزة استخباراتية وسط مؤشرات على نوايا خفية قد تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار الداخلي في العراق، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة ومرور البلاد بحالة من الهدوء السياسي النسبي.

هذه التحركات أثارت قلقاً واسعاً لدى الأوساط السياسية والأمنية العراقية وسط تساؤلات متصاعدة حول طبيعة النشاط الأميركي داخل العراق ومدى ارتباطه بمشاريع إعادة التموضع العسكري والتدخل في الشأن الداخلي، تحت ذرائع واهية مثل محاربة الإرهاب أو تقديم المشورة والتدريب.

وأظهرت تقارير أمنية من بينها ما نشرته شعبة استخبارات الكرادة، رصد سيارة مظللة، تجوب شوارع بغداد وعلى متنها أربعة أشخاص أميركيين مسلحين يحملون أجهزة اتصالات سرية متطورة تستخدم لأغراض تنصت ميداني إلى جانب بطاقات دبلوماسية صادرة عن قيادة عمليات بغداد.
ويعد هذا الحادث واحداً من عدة مؤشرات على نشاط استخباري أميركي موجه داخل العاصمة يعزز الشكوك حول دور هذه المجاميع في جمع معلومات عن شخصيات ومؤسسات عراقية حساسة وربما التمهيد لتنفيذ عمليات تساهم في خلق بيئة أمنية مضطربة.

وفي هذا السياق، أكد النائب مختار الموسوي أن “هناك تحركات مشبوهة لمجاميع أميركية غير معروفة الانتماء تجوب بغداد، وهو أمر يثير الشبهات ويفتقر إلى الشفافية”، مشيراً إلى أن “هناك تساؤلات مشروعة بشأن زيارة وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى واشنطن، وما إذا كانت قد جرت تفاهمات سرية بعيداً عن الرأي العام العراقي”.
وأضاف الموسوي أن “هذه التحركات “قد تكون مرتبطة بعمليات استخباراتية تهدف إلى التأثير على البيئة السياسية والأمنية للبلاد، ما يُعد مساساً خطيراً بالسيادة الوطنية”.

من جهته، حذّر الخبير الأمني صباح العكيلي من “اختراقات أمنية كبيرة مصدرها عناصر استخبارية أجنبية تدخل عبر إقليم كردستان وتنتشر في المحافظات العراقية”، لافتاً إلى أن “بعض العمالة الوافدة تعمل في مؤسسات حساسة وتوفر معلومات خطيرة لأجهزة المخابرات الأميركية الصهيونية”.
فيما رأى المحلل السياسي كاظم الحاج أن “التحركات الأميركية الأخيرة في قاعدتي عين الأسد في الأنبار وحرير في أربيل، تأتي ضمن أجندة لإعادة التموضع العسكري بما يخدم المصالح الأميركية في العراق والمنطقة”، مشدداً على أن “الولايات المتحدة توظف عوامل متعددة لإرباك الساحة العراقية، بينها ملف مخيمات الإرهابيين في سوريا ومخيم الجدعة”.
واتهم الحاج الإدارة الأميركية بالضغط لإدخال شخصيات موالية لها في العملية السياسية بما يضمن التأثير في نتائج الانتخابات القادمة”، مضيفاً أن “واشنطن لا تنوي الخروج من العراق بل تسعى لاستدامة الفوضى بما ينسجم مع مصالحها الإقليمية”.

أما النائب محمد البلداوي، فقد حذر من محاولات أميركية للتهرب من اتفاق الانسحاب المبرم مع الحكومة العراقية، قائلاً إن “الولايات المتحدة تتذرع بتزايد نشاط داعش لإعادة انتشارها العسكري، وهو خرق واضح للاتفاقات الثنائية”، متهماً واشنطن بالالتفاف على “الاتفاقات عبر غطاء التدريب والمشورة لتنفيذ أهداف أبعد مدى”.
ومن جانبه، وصف عضو ائتلاف دولة القانون إبراهيم السكيني التحركات الأميركية في العراق بأنها “مريبة وتُخفي أهدافاً تخريبية”، محذراً من أنها “قد تؤدي إلى إعادة بعث الفوضى والاضطراب الأمني خصوصاً بعد رصد تحصينات أميركية لمواقع تابعة لداعش في المناطق الغربية”.

وطالب السكيني الحكومة العراقية بتوضيح “أسباب تحركات القوات الأميركية داخل الأراضي العراقية”، محذراً من أن “هذا النشاط يثير الذعر لدى المجتمع ويكشف عن مؤامرات قد تكون قيد الإعداد”.

وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن العراق مُقبل على مرحلة حساسة تتطلب مزيداً من الحذر والرقابة على التحركات الخارجية، خاصة في ظل مؤشرات على تصاعد الأنشطة الاستخباراتية الأميركية تزامناً مع ظروف سياسية داخلية دقيقة.
ويؤكد مراقبون أن أمن العراق وسيادته لا يجب أن يكونا ورقة تفاوضية في الحسابات الدولية، بل ملفاً وطنياً يدار بإرادة عراقية خالصة بعيداً عن تدخلات ومصالح خارجية قد تعيد البلاد إلى مربع التوتر والصراع.ع666

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى