نصر اليمن العظيم على أمريكا: إعادة الهيبة للأمة العربية والإسلامية
بقلم _ أم هاشم الجنيد
في زمن الانكسار، حيث جثا الواقع العربي تحت أقدام التبعية، وتمادت قوى الاستكبار في إذلال الشعوب ومصادرة قراراتها، بزغ فجر من جبال اليمن، فجر تحدٍ لا يشبه ما قبله، وصمود أدهش القاصي والداني. نصر اليمن لم يكن مجرد انتصار عسكري في مواجهة عابرة، بل ملحمة تحررية حطمت أسطورة القوة التي لا تُقهر، وردت الروح لأمة أرهقها الانبطاح.
حين قررت أمريكا أن تتصدر واجهة العدوان على اليمن، كانت تحسب أنها تدخل معركة قصيرة، تحسمها بضربات خاطفة. لكنها اصطدمت بأرض لا تنكسر، برجال لا يساومون، وبشعب جعل من الصبر زاده، ومن العزة سلاحه. من عمق الوجع خرج النصر، ومن وسط النار خرجت معادلة الردع، لا بالأقوال بل بالفعل، حين أصبحت حاملات الطائرات الأمريكية هدفًا في مرمى الصواريخ اليمنية، ومضيق باب المندب مقبرة لأحلام الغزاة.
لم يكن انسحاب أمريكا من الميدان اليمني نتيجة مفاوضات سرية، ولا استجابة لما يزعمه ساسة واشنطن، بل كان انكسارًا مدويًا أمام ضربات نوعية، لم تستطع منظوماتهم المتطورة أن تصدها، ولا دبلوماسيتهم أن تتجاهل وقعها. سقطت هيبة التكنولوجيا أمام عبقرية الإيمان، وسقطت معادلات الردع القديمة أمام واقع جديد خطّه المقاتل اليمني بحبر الدم والتضحية.
ومع كل صاروخ يتجه نحو قلب الكيان، ومع كل سفينة تُمنع من المرور، ترتفع اليمن من كونها بلدًا محاصرًا إلى رمز إقليمي للردع الحر، إلى بلد صغير بجغرافيته عظيم بكرامته. أمة بكاملها، كانت تبحث عن معنى للكرامة، وجدت في صنعاء الإجابة، وفي جبال صعدة وشواطئ الحديدة معالم الطريق.
اليمن اليوم لا يعيد فقط رسم خارطة النفوذ، بل يعيد للأمة روحها المسلوبة، ويجبر أنظمة العرب الخانعة على مراجعة نفسها، لأن هيبة أمريكا التي كانوا يرتكنون إليها، سقطت على أبواب صنعاء، وتهاوت فوق مياه البحر الأحمر.
هذا النصر لم يكن نصر اليمن فقط، بل نصرٌ للعرب كلهم إن أرادوا، وللمسلمين أجمعين إن استيقظوا من سباتهم. نصرٌ يقول للعالم إن الحرية لا تُستورد، وإن السيادة لا تُمنح، وإن المعادلات تُكتب من ساحة المواجهة لا من كواليس المؤتمرات.
وما تزال اليمن، بشعبها وقيادتها، على العهد، تحمل الراية من غزة إلى القدس، ومن البحر إلى الحدود، تقاتل نيابة عن كرامة أمة كاملة، وترسم بدمها معالم مرحلة جديدة عنوانها الكرامة والسيادة ورفض الخضوع.
اليمن اليوم لا تنتظر وساطة، ولا تطلب سلامًا يُفرض من فوق الطاولات، بل تفرض سلامها بشروط الكرامة، وتثبت أن الاستسلام لم يعد خيارًا ممكنًا، وأن زمن الهيمنة قد ولى.
فلتكن صنعاء منارة لكل الأحرار، ولتكن تجربة اليمن في مواجهة أعتى طغيان، درسًا لمن ظنوا أن النصر يولد من فوهة المال، أو من وعود السفراء. النصر يولد من أرض صلبة، ومن إرادة لا تلين، ومن يقين لا يتزحزح و من صمود لا ينكسر ومن شموخ يطاول النجوم .