حين بكى العراق قلب المقاومة: نحن وأنتم في كربلاء واحدة..!
بقلم _ د. سوزان زين
ليس غريباً أن يُفجع لبنان في رجلٍ بحجم شهيد الأمة السيد حسن نصر الله (رض)، ولكن أن يمتدّ هذا الوجع ليهزّ قلوب الملايين في العراق، فذاك هو الصدى الذي لا تصنعه السياسة، بل تصنعه الأرواح التي تعانقت في طريق كربلاء، وسارت تحت راية الحسين (ع).
في لحظة استشهاده، لم يكن شهيد الأمة السيد حسن نصر الله (رض) ابن بيروت فحسب، بل صار ابن النجف وكربلاء وبغداد والبصرة. خرج العراقيون في الشوارع لا كمتضامنين، بل كأبناء فقدوا واحداً من آبائهم، كمجاهدين ودّعوا قائداً من قادتهم، كأحبّة نُزع من بينهم قلبهم.
في مدن الجنوب والفرات الأوسط، في بغداد والنجف، ارتفعت صوره، لا كزعيم بعيد، بل كقريب يُبكى عليه كما يُبكى على الشهداء في صحن العباس. حملت الأمهات صورته، وردّد الأطفال اسمه، وذرفت العيون دمعها بلا تكلف؛ فهذا الصوت الذي كان يهزّ العالم من الضاحية، كان صوت كل من يحمل همّ القدس والكرامة.
إنه المشهد الذي تجاوز الحدود، حين امتزج التشييع في لبنان بأنينٍ عراقيٍّ صادق، فتحوّل الفقد إلى وحدة روحية لا تهزّها الجغرافيا. تلك هي لحظة الحقيقة، حين تكتشف أن بين العراق ولبنان حبّاً لا تكتبه الكتب، بل ترسمه الجراح، وتغذّيه دماء الشهداء، فكنتم العزاء والعزّ في فقد السيد، ونبضنا في وداع القائد.
ولقد صدق قائدنا الشهيد السيد حسن نصر الله (رض) حين خاطبكم:
« أيها الأحبة في العراق، أنتم أهل الوفاء، أنتم أمل هذه الأمة، وأنتم صنّاع النصر القادم ».
في العراق، لم يكن سماحة الشهيد السيد حسن (رض) قائداً للمقاومة فقط، بل كان صوت من قاوموا الديكتاتورية، وصوت من واجهوا داعش، وصوت كل من لم يركع إلا لله. كان امتداداً لدماء المهندس وسليماني، وكان اسمه يُردّد في خنادق الحشد كما يُردّد في ميادين الجنوب اللبناني.
واليوم، وقد نال الشهادة التي طالما تحدّث عنها بشوق، يعود شهيدنا وقائدنا السيد حسن نصر الله (رض) ليلتقي أحبّته على ضفاف الفرات، هناك، حيث لا تنتهي الكربلاء، ولا يغيب الحسين (ع).
أيها السيد، العراق يبكيك، ولا زال،،لأنه عرفك، وعرف أنك كنت له، مثلما كنت للبنان. وإن ودّعك الجسد في بيروت، فإن الروح قد دفنت في قلوبنا جميعاً.
سنكمل المسير معاً، نحن وأنتم، حتى نرى القدس، وتنتصر كربلاء، ويعود صوت السيد في صيحات كل المقاومين، كلما نادت الأرض رجالها.
منّا الوفاء، ولكم السلام
من لبنان المقاوم.. إلى العراق الأصيل
باقٍ أنت يا سيدنا، لا تموت، لأنك من سلالة من كتبوا بالحبر والدم: «هيهات منّا الذلة».