غزة.. صرخات تحت الركام
بقلم _ إلـهام الأبـيض
لأشهر طوال، والعالم يشهد، أو ربما يحاول ألّا يشهد، على تفكيك غزة الممنهج، روحاً تلو روح، وبناية تلو بناية، تحت وابل النيران المتواصل وقبضة الحصار الخانق، تتعالى صرخات الأبرياء من تحت الركام شهادة حية على جريمة ضد الإنسانية تتكشف فصولها أمام أعين الجميع. إنها ليست مجرد أرقام تُحصى في نشرات الأخبار، بل هي قصص حياة تُنهى بوحشية، ومستقبل يُسرق بدم بارد. في هذا القطاع المحاصر، حيث الموت يتربص في كل زاوية والجوع ينهش الأجساد، تتجسد أبشع صور الظلم والوحشية التي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً منذ عقود.
تتواصل فصول المأساة وتتزايد أعداد الشهداء والجرحى في ظل عدوان وحشي وحصار خانق مستمر منذ أشهر طويلة، إنها ليست مجرد إحصائيات باردة تُعرض يومياً، بل هي أرواح بشرية تُزهق وحياة تُدمر على مرأى ومسمع العالم.
لقد تجاوزت وحشية الاحتلال كل الحدود، وبلغت مستويات غير مسبوقة من القتل والتدمير الممنهج، محولاً القطاع إلى مقبرة جماعية ومستودع للألم، بينما يُحرم أكثر من مليوني إنسان من أبسط مقومات الحياة.
وفي خضم هذه الكارثة، تتصاعد الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، وتُطلق التصريحات التي تدين العنف وتطالب بإنهاء المعاناة لكن هذه الدعوات تبقى مجرد حبر على ورق وذر للرماد في العيون ما لم تُتبع بخطوات عملية تُلزم الاحتلال بوقف عدوانه ورفع حصاره الجائر بشكل فوري ودائم. من جانبهم، أكد المقاومون على جاهزيتهم لأي مفاوضات جادة تفضي إلى إنهاء شامل للعدوان، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال، وكسر الحصار الظالم، وإعادة إعمار ما دُمر، وتبادل للأسرى يضمن حرية الجميع.
إن هذه النقاط ليست مجرد مطالب تفاوضية، بل هي حقوق أساسية لشعب يتعرض لأبشع أنواع الظلم، ويجب أن تُفرض كواقع لا يُقبل المساومة عليه.
إن المسؤولية التاريخية تقع اليوم على عاتق الدول العربية والإسلامية، وخاصة تلك التي تمتلك نفوذاً سياسياً واقتصادياً. يجب عليها أن تترجم انتماءها القومي والديني إلى ضغط حقيقي وفعال لوقف هذه المجزرة وإنهاء الحصار، لا أن تكتفي بالبيانات الخجولة أو المواقف المترددة. لقد جاءت الدعوات الصادقة من أشقاء في المنطقة، تؤكد على ضرورة توحيد الصفوف ونبذ الخلافات الجانبية، والوقوف صفاً واحداً خلف القضية الفلسطينية، محذرين من أن يكونوا مجرد أدوات تُستخدم في صراعات لا تخدم مصالح الأمة، أو محطات تُستنزف ثرواتها لصالح أجندات خارجية لا ترى فيهم سوى مصادر للمال أو أدوات للحرب.
إن مصير غزة اليوم هو محك حقيقي لضمير الإنسانية وعزيمة الأمة العربية والإسلامية. الصمت والتردد ليسا خياراً؛ إنهما مشاركة في الجريمة، وإن المطالب بوقف العدوان، ورفع الحصار، وإعادة بناء الحياة ليست مجرد نقاط تفاوضية، بل هي حقوق غير قابلة للمساومة، وهي الحد الأدنى المطلوب لإنهاء هذه المأساة واستعادة بعض من العدالة. التاريخ يسجل، والأجيال القادمة ستسأل: أين كنتم حين كانت غزة تُذبح؟ إن الوقوف مع غزة وقضيتها العادلة ليس تفضلاً، بل واجب، وإلا فإن الفشل في هذه اللحظة الفارقة سيبقى وصمة عار لا تمحوها الأيام
#الحملةالدوليةلفك حصار مطارصنعاء
#اتحاد كاتبات اليمن