بين مطرقة ترامب وسندان الجيران: لماذا نتمسك بحشدنا وعلاقتنا مع الجمهورية الإسلامية؟

بقلم _ ضياء أبو معارج الدراجي

عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع 2025، ومعه عاد منطق الصفقات والابتزاز، عاد بأسلوبه السوقي الذي يُهين الحلفاء ويُدير العالم بالمال والسلاح. زيارته إلى السعودية، واجتماعه بقيادات ما يُسمى بـ”العالم العربي المعتدل”، لم تكن إلّا جولة جديدة من الجباية، فرض فيها على دول الخليج وسوريا تريليونات الدولارات مقابل صفقات سلاح متعفن وحماية من “عدو مشترك” ـ كما يسمّونه ـ هي الجمهورية الإسلامية في إيران وشيعة العراق.

ويا للسخرية: بينما تبتز أمريكا هذه الدول علنًا، نجدها في المقابل تفاوض الجانب الإيراني الأقوى في المنطقة باحترام، وتقبل بشروطه وببرنامجه النووي، لأنها تدرك أن إيران تملك ما يُرعبها ويوقف أطماعها، بينما الخليج لا يملك إلّا المال… والبقر الحلوب، كما وصفه ترامب سابقًا بنفسه.

لا يظننّ أحد أن لقاء ترامب بولي العهد السعودي ورؤساء الذل العربي ـ وهم رؤوس الإرهاب الوهابي ـ هو نصر لهم، بل هو خذلان، وفرض أتاوات تُجمع لصالح خزينة واشنطن، بينما كرامة هؤلاء تُسحق تحت قدم ترامب. النصر الحقيقي هو للجمهورية الإسلامية، التي أجبرت الغطرسة الأمريكية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لأن أمريكا تخشى على مصالحها في الخليج، وتعرف أن نار إيران لا تُقاوم إذا اشتعلت.

هنا نتساءل:
متى يفهم من يستلم زمام الأمور في العراق أن إيران هي العمق الحقيقي للعراقيين الشيعة، وهم يشكلون أغلبية هذا الوطن؟ متى يدركون أن أي تقارب مذل مع الدول المحيطة، التي دعمت الإرهاب ومولته، لا يدخل في باب المصلحة الوطنية، بل في باب الخيانة السياسية والأخلاقية؟

إن العراق يجب أن يكون قويًا، له دور واضح في المنطقة، لا بالتبعية ولا بالذل، بل بالقوة التي يمتلكها: الحشد الشعبي والفصائل التي هزمت داعش العالمي، المدعوم من دول التطبيع العربي، والموالين الوهابيين، وبمساندة استخباراتية ولوجستية من إسرائيل وأمريكا وتركيا.

لماذا لا يريد قادة العراق من الشيعة، الذين يلهثون خلف ما يسمونه “الحضن العربي”، أن يفهموا أن هذا الحضن الوهابي الغادر يؤمن بموروث ديني يزعم أنهم سيحالفون “الروم” (أمريكا وأحلافها) ضد عدوهم المشترك، الذي هو الشيعة في العراق وإيران؟ هذا ليس تحليلًا عاطفيًا بل هو واقع ديني ـ سياسي، يظهر في حديث ينسبوه الى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أن العرب سيصطفّون مع الروم ضد خصمهم الداخلي، وهو ذات المنهج الذي تتبناه المدارس السلفية اليوم.

بل إنهم يقرؤون الآية ﴿غُلِبَتِ الرُّوم * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ على أنها بشارة لتحالفهم المستقبلي مع الروم (الغرب) ضد الشيعة، الذين يعتبرونهم “فرسًا مجوسًا” سواء كانوا إيرانيين أم عراقيين.

إذن، نحن أمام مشروع واضح المعالم:
تحالف وهابي – أمريكي – صهيوني ضد محور المقاومة، والعراق جزء مركزي فيه. والتاريخ لن يرحم من يتجاهل هذه الحقيقة، بل سيحكم عليهم بأنهم فرّطوا بدماء الشهداء، وخانوا الحشد، وركعوا للذل وهم يملكون أسباب العزة.

ضياء ابو معارج الدراجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى