خنادق دفاع الوجود الشيعي في مواجهة السقيفة المعاصرة

بقلم _ علي جاسب الموسوي

في زمنٍ تتكالب فيه الأمم وتتحالف قوى الظلام لإعادة إنتاج السقيفة بأدوات ناعمة وأقنعة براقة، لا بد أن نعي نحن أبناء النهج الحسيني أن صوتنا الانتخابي اليوم ليس مجرد ورقة تُسقَط في صندوق، بل هو حجر أساس في جدار الصمود، وسهم في معركة الوعي، وخندق في حرب البقاء.
أيها الأعزاء، إن التحديث لبطاقة الناخب، وإصدار بطاقة جديدة للمواليد التي أصبحت قانوناً يحق لها الاقتراع، ليست إجراءات إدارية فحسب، بل واجب شرعي ووطني وأخلاقي .. لأن كل صوت شيعي غائب، هو رصاصة مفقودة في معركة الكرامة، وكل مقعد نيابي ضائع هو ثغرة في جدار الحكم المقاوم.
كلما ازدادت نسبة المشاركة، زادت الشرعية السياسية، وثبُت الوجود الشعبي، وتضاعفت القدرة على فرض القوانين العادلة وعلى رأسها اقرار قانون هيكلية الحشد الشعبي التي لا تزال قيد الانتظار في أروقة البرلمان.
وكلما علت كفة المقاعد الشيعية، وخصوصاً تلك التي تنتمي إلى محور المقاومة، كنا أقرب إلى حماية الوجود العقائدي، وإلى تمهيد الدولة الإيمانية التي تبشر بها روايات الظهور المقدس للإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
نحن اليوم، نخوض حرباً غير تقليدية، حرب ناعمة، تستهدف العقول والقلوب، وتغتال الهوية والانتماء، من خلال المال الفاسد، والإعلام المأجور، وتزوير الوعي .. فصراعنا لم يعد فقط مع عدوٍ خارجيٍ واضح المعالم، بل مع أدوات داخلية، ناعمة، متخفية، تتكلم بلغتنا، وتتزين بزينا، ولكنها تحمل أهداف الطغاة والمستكبرين.

وإن كنتم تعترضون على الفساد والفاسدين، فاعلموا أن التغيير بأيديكم، والعقاب هو ازاحتهم عن طريق صناديق الاقتراع، وليست منصات التذمر .. انتخبوا من يُجيد قول (هيهات منا الذلة) بالفعل لا بالقول، فالميادين ستفرز الرجال، وستكشف الوجوه الزائفة.

إخواني وأحبتي، لا تستهينوا بهذا الموعد الفاصل في 11/11/2025، فهو ليس مجرد رقم انتخابي، بل يوم الحسم بين بقاء الوجود الشيعي أو انحساره .. وإن قلّ تمثيلنا النيابي، فستُستهدف مراقدنا، وستُمنع مواكبنا، وسيتراجع ويضعف الصوت الحسيني، ليعود زمان المتوكل ويُستنسخ عهد صدام، ولكن هذه المرة، بأقنعة الديمقراطية، وبأيدٍ تدّعي الانتماء إلينا.
التاريخ يعيد نفسه، وسقيفة الأمس تُعاد اليوم برعاية الدولار النفطي، وذمم تُشترى، وضمائر تُباع، والهدف واحد: إنهاء وجودنا الديني والسياسي والعقائدي، وتجريف الذاكرة الشيعية كما جُرِّفت من قبل.
لذلك، نناشدكم أن تشحذوا هممكم، وتوجهوا طاقاتكم الإعلامية في المساجد، والدواوين، والدواخل الاجتماعية، لحملة تعبئة وتوعية واسعة وشاملة .. لنستنهض الجماهير، ولنطرق أبواب القلوب الغافلة، ولنعيد التذكير: أن المعركة لم تنتهِ، وأن صناديق الاقتراع هي ساحات الشرف الجديدة.
فيا أبناء الحشد، ويا سلالة من حملوا السلاح والدم، احملوا اليوم القلم والصوت، وخوضوا معركة البقاء.
فكما قال أمير المؤمنين عليه السلام (ما ترك قوم الجهاد إلا ذلّوا)
ولا ذُلَّ بعد اليوم.
والسلام على من اتبع الحسين، وسار في خط الولاية، ولبى نداء الدفاع عن المذهب والحق والكرامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى