من صنعاء إلى إيلات: اليمن يوسع جغرافيا الاشتباك مع العدو الإسرائيلي

بقلم: بدور الديلمي -اعلامية يمنية

بينما تتصاعد المجازر في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، قررت القوات المسلحة اليمنية – أنصار الله الخروج من دائرة التنديد السياسي والدعم الإعلامي، لتدخل عمليًا على خط المواجهة، موجهة سلسلة من الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة نحو أهداف إسرائيلية في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى رأسها مدينة إيلات.

عمليات متكررة وأهداف استراتيجية

منذ انطلاق ما وصفته صنعاء بـ”معركة النفس الطويل”، لم تتوقف الضربات اليمنية التي استهدفت موانئ ومواقع عسكرية إسرائيلية، بالإضافة إلى استهداف سفن تجارية مرتبطة بالكيان في البحرين الأحمر والعربي. ورغم أن أغلب تلك الضربات جرى اعتراضها بحسب الرواية الإسرائيلية والأميركية، إلا أن الرسالة السياسية والأمنية وصلت بوضوح: لا أمن لكم حتى ينعم به الفلسطينيون.

رسائل أبعد من الجغرافيا

تؤكد القيادة اليمنية أن تدخلها العسكري يأتي في إطار الالتزام الإنساني والديني تجاه القضية الفلسطينية، معتبرة أن “ما يحدث في غزة لا يُواجه إلا بالفعل، لا بالكلمات”. ومع ذلك، لا تخفى الرسائل المزدوجة لتلك الضربات: فهي توجه تحذيرًا مبطنًا لواشنطن ولحلفائها في الخليج، بأن اليمن لم يعد مجرد لاعب محلي، بل طرف مؤثر في المعادلة الإقليمية.

مراقبون: اليمن يفرض معادلة ردع جديدة

يرى محللون أن الضربات اليمنية، وإن لم تُحقق ضررًا عسكريًا كبيرًا حتى اللحظة، فإنها كشفت عن تطور في قدرات صنعاء التقنية والاستراتيجية، خاصة مع قدرة المسيّرات على قطع مسافات تتجاوز 1600 كلم والوصول إلى أقصى جنوب فلسطين المحتلة.

الدكتور فواز الشامي، الباحث في الشؤون الإقليمية، يقول:
“هذه الضربات تؤسس لمرحلة جديدة من الاشتباك المفتوح. اليمن لم يعد يتصرف كقوة محاصرة في الزاوية، بل كجزء من محور إقليمي يريد إعادة رسم قواعد الاشتباك.”

ساحة البحر الأحمر: نقطة التحول

اللافت أن جزءًا كبيرًا من عمليات الرد اليمني تركز على البحر الأحمر، باستهداف سفن الشحن الإسرائيلية أو المتجهة نحو موانئ الاحتلال. وقد أثارت هذه العمليات قلقًا أميركيًا بالغًا، دفع واشنطن إلى تشكيل تحالف بحري لحماية الملاحة، ما يُظهر مدى التأثير الذي باتت تفرضه صنعاء على واحد من أهم الممرات البحرية في العالم.

في الختام
الضربات اليمنية على الكيان الإسرائيلي لم تعد مجرد ردود فعل آنية، بل تحركات محسوبة تعكس رؤية سياسية واضحة: لا فصل بين معركة اليمن الداخلية ومجريات الصراع في فلسطين. وبينما تستمر الحرب على غزة، يبدو أن اليمن سيواصل توسيع حضوره في معادلة الاشتباك، متحديًا الحصار، ومراهنًا على أن “القدس أقرب” مما يظنه البعض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى