بين العداء المُطلَق لإسرائيل وتبريد التوتر مع أميركا تسير طهران على شفير الهاوية في المفاوضات النووية،

بقلم_  إسماعيل النجار

جولاتٌ أربَع وإحتدام المناقشات في ظِل طلباتٌ أميركية مستحيلة في الملف النووي الإيراني ورفض مطلَق من قِبَل طهران التي تجمع بين عدائها الشديد لإسرائيل الذي تَجَلَّى برفضها الإعتراف بها وتقديم الدعم لجميع حركات المقاومة وفصائلها في المنطقة، وبين التفاوض مع واشنطن عبر سياسة براغماتية معقدة تهدف إلى تحقيق مصالحها القومية والإستراتيجية،
إيران اليوم تفاوض الولايات المتحدة الأميركية بمعزل عن إسرائيل والدوَل الأوروبية التي تلتقي مصالحها مع المطالب الأميركية بمنع توصلها إلى صنع القنبلة النووية، وتحاول طهران أن تجمع بين التفاهمات مع أميركا والعداء مع إسرائيل وفرض واقع كهذا يتقبله الغرب برُمَّته،
التطورات الأخيرة في العلاقات الإيرانية الأمريكية تتمحور حول جولات متعددة من المفاوضات غير المباشرة التي تجري في سلطنة عمان، بهدف التوصل إلى اتفاق نووي يرفع العقوبات عن طهران مع الحفاظ على برنامجها النووي السلمي.
أربع جولات من المحادثات جَرَت حتى الآن، شهدت مراحل حرجة وتوترات كبيرة، ترافقت مع تأجيل بعض الاجتماعات الفنية بناء على اقتراح سَلطَنَة عُمان وموافقة الطرفين.
لأن إيران غير مُطمئِنَة وأبدت حذرًا شديدًا من المواقف الأمريكية المتشددة، وخصوصاً بعد تصريحات مبعوثها التي تضمنت مطالب تتجاوز الخطوط الحمراء الإيرانية، مثل تفكيك منشآت التخصيب أو تخفيف الوقود النووي والبحث في ملف الصواريخ البعيدة المدى التي تمتلكها إيران، بشكل عام العلاقات الإيرانية الأميركية تشهد حالة من التوتر الدبلوماسي مع محاولات مستمرة للوسطاء لإيجاد حل تفاوضي للملف النووي وسط تحديات سياسية وأمنية كبيرة. كما أن هناك مخاوف إيرانية من سيناريو مشابه لأوكرانيا التي سلمت أسلحتها النووية مقابل ضمانات أمنية بحماية سيادتها ولم تُنفذ، مما يزيد من حذرها في التعامل مع واشنطن.
لذلك يحاول الطرفين توفير وقت إضافي لمناقشة البنود الخلافية بشكل أعمق، خصوصاً موضوع الصواريخ الذي أثار حفيظة إيران، مما قد يساعد في تخفيف التوتر وتحسين فُرَص التفاهم في الجولات القادمة، بالتالي التأجيل يعكس تعقيدات فنية وسياسية لكنه قد يساهم في إعادة ترتيب الأولويات والمواقف لتحقيق تقدم مستقبلي في الملف النووي.
لذلك فإن البنود المهمة التي سيتم مناقشتها في الاجتماع الفني المقرر عقده يوم السبت تتعلق بشكل رئيسي بملف المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة وتشمل تفاصيل برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني ومستوى التخصيب المسموح به، وآليات التفتيش والرقابة على المنشآت النووية الإيرانية، وموضوع الصواريخ الباليستية الذي أثار خلافات سابقة بين الطرفين، بالإضافه إلى رفع العقوبات الأمريكية مقابل التزامات إيران النووية، هذه البنود تمثل جوهر الخلافات التي تحتاج إلى توافق دقيق لتجاوزها في سبيل التوصل إلى اتفاق نووي شامل.
كما أن هناك مخاوف من أن يؤدي فشل المفاوضات إلى تصعيد أمني وعسكري في المنطقة، مع تحركات عسكرية أمريكية في الخليج، لكن واشنطن لا ترغب في حرب بل في اتفاق بشروطها. بالتالي المفاوضات تواجه تحديات كبيرة وفرص الفشل قائمة بسبب الخلافات الجوهرية، مما يجعل النتيجة غير محسومة حتى الآن.
من جهتها إيران حددت مخاوفها الرئيسية من خفض معدلات التخصيب كونها تسعى إلى الحفاظ على القدرة التقنية والعسكرية، وتخشى أن يؤدي خفض تخصيب اليورانيوم إلى تقليل قدرتها على تطوير برنامج نووي متقدم، لذلك وضعت
خطوط حمراء سياسية واعتبرت أن برنامج التخصيب جزءاً من سيادتها الوطنية وأحد “الخطوط الحمراء” التي لا يمكن التفاوض عليها، وترى أن إنهاء التخصيب أو تسليم مخزونها من اليورانيوم المخصب يمثل تنازلاً كبيراً يهدد أمنها القومي، بالوقت نفسه فقدت إيران الثقة في الغرب، وهي تشكك في نواياه، وتعتبر تخفيض التخصيب مجرد “خدعة” أو تكتيك تفاوضي من جانبه، خاصة في ظل استمرار العقوبات وغياب ضمانات رفعها بشكل كامل ومستدام، فهي تربط بين برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية، وترفض التفاوض على أي قيود على التخصيب أو الصواريخ، معتبرة أن هذه البرامج دفاعية وغير قابلة للمساومة، وخوف إيران من خفض التخصيب ينبع من اعتبارات أمنية وسياسية واستراتيجية، إضافة إلى عدم ثقتها في الأطراف الغربية ورفضها التخلي عن سيادتها النووية والدفاعية. وأن خفض تخصيب اليورانيوم يؤثر بشكل مباشر على القدرة النووية للبلاد بعدة طرق رئيسية منها إبطاء الوصول إلى”العتبة النووية” وأن خفض التخصيب يعني تقليل كمية اليورانيوم عالي النقاء، مما يطيل الوقت اللازم لإنتاج مواد انشطارية كافية لصنع سلاح نووي إذا ما قررت إيران ذلك،

أيضاً أن خفض التخصيب يُعتبر تراجعاً في قدرة إيران على تحقيق توازن الردع النووي في مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية، وهو ما ترفضه باعتباره تهديداً لأمنها القومي. ويضعف موقفها الاستراتيجي ويجعلها أكثر عرضة للتهديدات العسكرية. كما أن خفض التخصيب قد يُفسر داخلياً تنازل عن السيادة الوطنية، ما يهدد الاستقرار السياسي والأمني الداخلي ويزيد من حساسية النظام تجاه الضغوط الخارجية.
من هنا نستطيع التأكيد أن آخر التطورات في محادثات إيران مع الولايات المتحدة حول التخصيب النووي تشير إلى أن الجولة الرابعة من المفاوضات التي جرت في سلطنة عُمان انتهت بتبادل مواقف متشددة، حيث أكدت إيران تمسكها بحقها في تخصيب اليورانيوم واعتبرت هذا الأمر “خطاً أحمر” لا يمكن التنازل عنه.
في الوقت الذي قائد الوفد الأمريكي حذرَ من إمكانية اتخاذ مسار آخر إذا لم تُثمر المحادثات، في حين أشار المسؤولون الإيرانيون إلى أن الموقف الأمريكي يتسم بالتناقض، وأن عدم التنازل عن التخصيب قد يدفعهم إلى إتخاذ خطوات مقابلة.
،، في الخُلاصة من المتوقع استمرار المفاوضات بين الجانبين مع التركيز على الجوانب التقنية، وسط أجواء من التشدد والتمسك بالمواقف، مما يعكس تعقيد الملف وصعوبة التوصل إلى اتفاق،

بيروت في،،
16/5/2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى