تحالف الدم والابتزاز… غزة بين نتنياهو وترامب

كنوز ميديا _ متابعة 

في لحظة مفصلية من التاريخ الفلسطيني، تتعرض غزة اليوم لأبشع حلقات التدمير والتجويع، وسط صمت دولي مريب وتواطؤ أميركي مكشوف.

لكن خلف هذا المشهد الدموي، تبرز خيوط لعبة أكثر تعقيدًا، تتجاوز حدود المعركة على الأرض، وتمتد إلى ما هو أعمق: ابتزاز سياسي متبادل، وتحالف ظل يُدار فوق جثث الأطفال وتحت ركام المنازل.

وفي واحدة من أخطر رسائل الابتزاز السياسي، تشير تسريبات إلى أن نتنياهو لوّح بإمكانية تحريك الجماعات الإنجيلية الجمهورية ضد الرئيس ترامب في حال تراجع الأخير عن دعم إسرائيل.

فنتنياهو، الذي يعرف تمامًا قوة اللوبي الإنجيلي داخل الحزب الجمهوري، بات يستخدمها كورقة ضغط يحصّن بها نفسه داخليًا، ويضمن بها صمت ترامب وخطابه الداعم في الخارج.

الرسالة كانت واضحة: مستقبل ترامب السياسي في يد إسرائيل، ونتنياهو يعرف متى وكيف يستخدم هذه الورقة.

وفي المقابل، يحصل على غطاء سياسي مفتوح لشن حروبه على غزة، دون خشية من أي مساءلة أميركية جدية.

بينما تؤكد واشنطن – على استحياء – ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، يصر نتنياهو على منع الغذاء والدواء، ويستخدم الجوع كسلاح حرب.

مئات الشاحنات تنتظر، والمساعدات تُحتجز، فيما يموت الأطفال على أبواب المستشفيات من شدة الجوع وانعدام الدواء.

العالم يسمع ويرى، لكن لا أحد يتحرك.

أما أميركا، فلا تزال تلجأ إلى لغة “القلق” الخجول، في وقت تتراكم فيه جرائم الحرب على مرأى ومسمع منها.

وفي تزامن فاضح، زار ترامب مستعمراته الخليجية الحلوب وقد استقبله نتنياهو بمجازر مروعة في غزة راح ضحيتها أكثر من مئتي امرأة وطفل خلال يومين.

الرسالة السياسية لم تكن خفية، ومعناها ان نتنياهو يستقبل ترامب في الشرق الاوسط بالدم، ويُرسل إشارات للقوى الإقليمية والدولية بأنه ما زال المتحكم بمشهد الشرق الأوسط وبوحشية نادرة.

قد يبدو السلوك الصهيوني تمردًا على الحليف الأميركي، لكن الحقيقة أن ما يحدث هو تواطؤ ضمني واتفاق غير معلن.

واشنطن تحتاج إلى نتنياهو قويًا، ويبدو أنها ارتضت أن تغض الطرف عن الانتهاكات مقابل استمرار دور إسرائيل كرأس حربة للسياسات الأميركية في المنطقة.

الصمت الأميركي قرار سياسي يتيح لنتنياهو أن يذهب أبعد ما يمكن في مشروع الإبادة.

كل المؤشرات على الأرض تدل على أن نتنياهو بصدد إطلاق مرحلة جديدة من الهجوم، ستتجاوز القصف إلى عملية برية واسعة، وربما احتلال مباشر لقطاع غزة.

لم تعد الأهداف تقتصر على كسر شوكة المقاومة، بل تشمل تفكيك النسيج الاجتماعي، وتدمير بنية الحياة في القطاع بالكامل.

في غياب ضغط دولي حقيقي، وبتواطؤ أميركي مباشر، وانبطاح عربي شامل، يقود نتنياهو إسرائيل نحو مجازر غير مسبوقة.

أما غزة فهي تواجه وحدها قدر الإبادة، في وقت يُدير فيه العالم ظهره، وتُمنح فيه آلة الحرب الإسرائيلية تفويضًا مفتوحًا للقتل والتجويع.

إنها لحظة اختبار للعالم، لكنها أيضًا لحظة لفضح كل ادعاءات حقوق الإنسان، وكل شعارات الديمقراطية، وكل من يدّعي الدفاع عن القيم.

غزة اليوم، ليست مجرد قضية فلسطينية، بل مرآة تكشف مدى انحطاط النظام الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى