هل «ترامب» تاجر شنطة أم هو منقذ لأمريكا من السقوط؟
بقلم _ محمد علي الحريشي
سؤال مهم يشغل بال الرأي العالم العالمي، وهو هل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» تاجر شنطة وتاجر صفقات، أم هو رئيس أمريكي يحاول إنقاذ بلده وينفذ برنامج إقتصادي، الولايات المتحدة الأمريكية من التراجع والإنهيار الإقتصادي؟، الغالبية العظمى من السياسيين والمثقفين وغيرهم لديهم إنطباع سائد وهو إن الرئيس الأمريكي ترامب هو: تاجر شنطة وتاجر صفقات تجارية، لكن من وجهة نظري ووفقاً لنظرة تحليلية عميقة وقراءة مجردة للأحداث التي تمر بها أمريكا والعالم، أرى إن الرئيس الأمريكي ترامب ليس تاجر شنطة ولاتاجر صفقات، لكن هناك عمق وقضايا كبيرة ومصيرة تواجهها أمريكا جعلت من الأهمية على الإدارة الأمريكية تبني برنامج إصلاح تشمل السياسات الأمريكية برمتها،الإقتصادية والسياسية والعسكرية، لاننسى أن أمريكا دولة مؤسسات ولامكانة للشخصنة أو فرض أي رئيس أمريكي لتوجهاته الشخصية على مسار السياسات العامة للدولة، الحقائق والواقع السياسي الذي تمر به أمريكا خاصة في السنوات الأخيرة تقول أن أمريكا تغرق في بحر الأزمات الإقتصادية التي خلفتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة من عام 1990 منذ ذلك التاريخ عاشت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على حكم البيت«الأبيض» الأمريكي، في وهم (القوة الدولية الأولى التي تحكم العالم وتهيمن عليه)، أي بعد إنهيار القوة الدولية المنافسة لها وهي الإتحاد السوفيتي، بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي عشعش حلم القوة العظمى الدولية الوحيدة بدون منافس في عقول ونفوس الطبقة الأمريكية الحاكمة، سخروا إمكانيات ومقدرات الدولة الأمريكية لصالح مشاريع الهيمنة على العالم في شتى المجالات، وحشروا العديد من دول العالم في حروب وصراعات وتدخلت بشكل مباشر في حروب عديدة على دول مثل روسيا والعراق وأفغانستان واليمن وليبيا وسوريا وغيرهن من الدول والشعوب، كان لتلك التوجهات السياسية المهيمنة المدفوعة بجنون العظمة وحلم حكم العالم تبعات إقصادية ثقيلة على الميزانية والموارد الإقتصادية والمالية الأمريكية،التي وجدت نفسها تستنزف من مواردها بشكل جنوني حتى وصلت إلى مرحلة الإقتراض الداخلي والخارجي لتغطية العجوزات في ميزانياتها السنوية التي بلغت أرقام فلكية خيالية تجاوت أكثر من أربعين ترليون دولار، فضلاً عن مايتطلبه الإنفاق الكبير من الميزانيات السنوية الأمريكية للجنود والقواعد الأمريكية التي تنتشر في مختلف قارات ومحيطات وبحار العالم.
بينما أخذت تغرق شيئاً فيشئاً
في تبعات ونتائج حلمها المجنون بالسيطرة على العالم والقضاء أو الإضعاف لكل قوة دولية صاعدة يحتمل منافستها على الزعامة الدولية،إخذت قوى دولية صاعدة تسير بهدوء وبطرق علمية مدروسة لتأخذ مكانتها الدولية كقوي إقتصادية أو عسكرية أو علمية، حتى وصلت تلك الدول مثل الصين وروسيا والهند إلى مستويات تمكنها من المنافسة للقوة العظمى الوحيدة في العالم، روسيا في عهد الرئيس« بوتين» عملت على بناء قدراتها العسكرية والإقتصادية حتى حققت نتائج متقدمة تفوقت فيها عسكرياً في تكنولوجيا الصناعات الصاروخية على أمريكا، أما الصين فأن إقتصادها أخذ في النمو المتسارع حتى وصلت إلى مرحلة أصبح الإقتصاد الصيني الصناعي والتجاري هو المهيمن على العالم، لذلك شجعت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس «جو بايدن» على دخول روسيا في حرب إستنزافية كبرى ليس أمام أوكرانيا فقط بل أمام حلف الناتو العسكري الأمريكي الغربي،من أهداف تلك الحرب على روسيا إضعافها ومنع تصاعد قوتها العسكرية والإقتصادية ونفوذها على الساحة الدولية، لكن بدلاً من إستنزاف روسيا،أستنزفت أمريكا وتحالفها الغربي،نعم تأثرت روسيا بالحرب في أوكرانيا،لكن التاريخ الروسي يقول إن روسيا أصبحت أمبراطورية وقوة دولية «الإتحاد السوفيتي» عقب الحرب العالمية الثانية التي خسرت فيها روسيا في حدود عشرون مليون قتيلا وتدمرت مدن عن بكرة أبيها لكنها حققت النصر في الحرب العالمية الثانية من تحت الركام، ووصلت مدرعاتها إلى العاصمة الألمانية «برلين».
من عوامل الممارسات الأمريكية المهيمنة التي نتج عنها إرتدادات عكسية على الإقتصاد الأمريكي محاولة فرض هيمنتها الإقتصادية على العالم بفرض العقوبات الإقتصادية على روسيا وعلى عدد من الدول،والتحكم بنظام «السويفت»المصرفي وحركة الدولار في المبادلات التجارية والمصرفية الدولية، ذلك التوجه الأمريكي ولد ردات فعل من روسيا والصين وعدد من البلدان للتحرر من الهيمنة الإقتصادية الأمريكية وعمل منظمة «بريكس» الإقتصادية والتخلي عن عملة الدولار، كان ذلك التحول هو النقطة المفصلية، حيث تضرر الإقتصاد الأمريكي بشكل كبير ، بسب تخلي دول لها ثقل إقتصادي وسكاني كبير عن الدولار مثل الصين وروسيا وعدد من دول العالم، ذلك التحول أصاب الإقتصاد الأمريكي في مقتل، وهو السبب وراء الإنعطافة الأمريكية للنزول من فوق الشجرة والتخلي عن حلم القوة الدولية العظمى من دون منافس، أثناء إنخراط الإدارة الأمريكية السابقة في عهد الرئيس «بايدن» في تمويل الحرب الصهيونية على غزة، حدث حراك جدي لمراجعة السياسات الأمريكية أثناء حملات الإنتخابات الرئاسية، وهذا الذي أفرزته الإنتخابات الرئاسية الأمريكية بوصول الرئيس الأمريكي «ترامب» إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، فهو يحمل في جعبته ملف مراجعة السياسات الأمريكية خاصة ملف الإصلاح الإقتصادي، الذي إتخذ عدة مسارات ومنها إعادة بناء الإقتصاد الأمريكي بضخ عشرات الترليونات من الدولارات، لإنشاء بنية صناعية وإقتصادية تحافظ على مكانة أمريكا وتجنبها من الوقوع تحت التراجع الذي يحققه الصين كقوة عملاقة إقتصادية عالمية. عقد الرئيس الأمريكي (ترامب) قبل جولته الخليجية بعدة أسابيع عدة لقاءات مع روساء كبرى الشركات الأمريكية وحصل منهم على تعهدات بضخ تريلونات الدولارات في جسم الإقتصاد الأمريكي، وعلى هذا فالرئيس الأمريكي ترامب ليس تاجر شنطة وتاجر صفقات تجارية كما يراه البعض، بل هو رئيس دولة ينفذ برنامج إقتصادي للحفظ على الإقتصاد الأمريكي من التراجع أمام الزحف القوة الإقتصادية الصينية الصاعدة، نذكر الجميع أن جولة الرئيس الأمريكي إلى السعودية وقطر والإمارات التي حقق فيها إستثمارات في حدود 3 ترليون و400 مليار دولار أمريكي، نذكر الجميع أن الرئيس الأمريكي حصل على مايساوي ذلك المبلغ من ستة شركات أمريكية عملاقة فقط قبل حوالي شهر ونصف من زيارته للخلي.
الرئيس الأمريكي يحمل ملف الإصلاح الإقتصادي وليس رجل صفقات فحسب هذا الذي بدأ يحقق فيه نجاحات ملموسة ويدل عليه من تحركاته في وضع نهاية لعدد من الحروب والصراعات في المنطقة والعالم.