كنوز ميديا _ تقرير
يشكل التعليم الركيزة الأساسية لبناء المجتمعات وتقدّم الدول، وقد أدركت الحكومة العراقية هذه الحقيقة وجعلت من ملفِّ التربية والأبنية المدرسية إحدى أولوياتها القصوى ضمن برنامجها الوزاري.
وفي خطوة غير مسبوقة، شرعت الحكومة بتنفيذ مشروع وطني طموح لإنشاء 1000 مدرسة نموذجية في عموم البلاد، في إطار الاتفاق الإطاري المبرم مع جمهورية الصين الشعبية، وذلك بهدف توفير بيئة تعليمية عصرية وآمنة لأبناء العراق.
ويُعدُّ هذا المشروع من أضخم المبادرات التعليمية في تاريخ العراق الحديث، ويعكس التزام الدولة بتحقيق نقلة نوعية في القطاع التربوي، من خلال اعتماد التصاميم الحديثة، والتقنيات المتطورة، والمعايير العالمية في البناء والتجهيز.
وفي تصريح له أكد المتحدث الرسمي باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد تابعته “كنوز ميديا” أن ملف التربية والأبنية المدرسية يشكّل إحدى أبرز أولويات الحكومة الحالية ويحظى باهتمام استثنائي من قبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مشيراً إلى أن الحكومة شرعت رسمياً بإنشاء ألف مدرسة نموذجية ضمن الاتفاق الإطاري مع الصين.
وأوضح مجيد أن المشروع يُعدُّ أول برنامج يتم تنفيذه فعلياً في إطار هذه الاتفاقية، لافتاً إلى أن المدارس وُزعت على جميع المحافظات، وقد أُنجزت بالكامل وسُلّمت وشُغّلت ضمن المدة المحددة البالغة سنتين وستة أشهر، من دون تسجيل أي حالات تلكؤ أو توقف، وذلك بفضل المتابعة الحثيثة التي تولتها الأمانة العامة لمجلس الوزراء، عبر دائرة المشاريع الوطنية والملاكات الهندسية والفنية، وبإشراف مباشر من الأمين العام لمجلس الوزراء.
وكشف عن أن العلاقات العراقية الصينية تشهد اهتماماً واسعاً من الحكومة، وأن الشركات الصينية تنفذ مشاريع في قطاعات متعددة، أبرزها الطاقة، الطرق والجسور، إلى جانب مشروع مطار الناصرية الدولي، المتوقع إنجازه بنهاية العام الحالي.
من جانبه بين ممثل الأمانة العامة لمجلس الوزراء والمسؤول عن المشروع الوطني للأبنية المدرسية في محافظة ذي قار المهندس عمارعويد خضير : إن عدد المدارس المنفذة في المحافظة بلغ 106 مدارس، لتحتل المرتبة الثانية بعد بغداد من حيث عدد المدارس ضمن مشروع الـ1000 مدرسة، مشيراً إلى أن التصاميم جاءت حديثة ومتنوعة، إذ تم تنفيذ مدارس بسعات مختلفة (12، 18، و24 صفاً) من نوعي A وB، وتوزيعها تم وفق دراسة للكثافة السكانية واحتياجات المناطق، وتم تخصيص مدرستين في كل قضاء والباقي تم توزيعه حسب الأولوية.
وأشار خضير إلى أن التنفيذ تم بإشراف الشركة الصينية ومن قبل مقاولين صينيين متخصصين، مضيفاً أن المشروع واجه بعض التحديات في بدايته نتيجة الأوضاع العامة والتظاهرات التي شهدتها المحافظة، لكن بفضل تعاون الحكومة المحلية والدعم المركزي، تم تجاوزها.
وأوضح أنه تم حتى الآن تسليم 96 مدرسة إلى مديرية تربية ذي قار، فيما تبقى 10 مدارس جاهزة بالكامل، تنتظر فقط استكمال إجراءات التسليم الرسمية، والتي يُتوقع إتمامها خلال الأسبوع الحالي، ليُعلن إنجاز المشروع بالكامل في المحافظة.
وأكد خضير أن مشروع المدارس يُعدّ من أهم إنجازات الحكومة العراقية خلال العقود الأخيرة، إذ تنفذ لأول مرة 1000 مدرسة خلال ثلاث سنوات، وبمواصفات عالية الجودة، وبتوجيه مباشر من رئيس الوزراء، ومتابعة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، مضيفاً أن الحكومة لم تقتصر على المدارس، بل قدمت دعماً واسعاً لمشاريع البنى التحتية في ذي قار، منها مشروع المجاري، الطرق، الجسور، والمشاريع الصحية مثل المدينة الطبية في سوق الشيوخ، التي وُضع حجرها الأساس بتمويل يتجاوز 500 مليار دينار، علاوة على مشاريع لدعم الآثار والسياحة.
ولفت إلى أن من ضمن الـ1000 مدرسة هناك 50 مدرسة نموذجية، وخصصت لذي قار 4 مدارس منها، موزعة بالتشاور مع المحافظ على مناطق الناصرية، الشطرة، سوق الشيوخ، والرفاعي، وستقوم شركة “هواوي” الصينية بتنفيذ هذه المدارس وفق نموذج المدرسة الذكية المعتمدة على التكنولوجيا والتقنيات الحديثة.
وعلى الصعيد ذاته قال مدير إدارة مشروع المدارس “باور جاينا” وانك جيسون، إنه إلى الآن تم تسليم 697 مدرسة في 10 محافظات من أصل 1000 مدرسة، بينما تشرف شركة أخرى على إنجاز 303 من أصل المدارس المتبقية، منوهاً بأن
المشروع ممول بالكامل من قبل الحكومة العراقية، ويُنفذ بإشراف ومهارات صينية، ما جعله أنموذجاً ناجحاً في التعاون الدولي، مؤكداً أن المتابعة الحثيثة من مكتب رئيس الوزراء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وفّرت دعماً لوجستياً ومعنوياً أسهم في تسهيل التنفيذ السريع ورفع جودة الإنجاز.
وبدوره بين المدير التنفيذي للمشروع، لي جاو جي : أن تجربة ذي قار كانت ناجحة بامتياز، إذ نفذت المدارس بشكل متكامل، منبهاً إلى أن شركته تعمل حالياً مع الحكومة العراقية على مراحل جديدة تشمل مدارس إضافية، فضلاً عن مشروع إنشاء مستشفى حديث ومتكامل في المرحلة المقبلة.
من جانبه، أوضح المشرف التربوي حازم صكبان : أن البيئة التعليمية الجديدة في مدرسة الفرح، التي أُنشئت ضمن هذا المشروع، وفرت قاعات دراسية واسعة، مختبرات حديثة، ممرات مريحة، وصحيات جيدة، مما أسهم في تحسين مستوى الطلبة وتفاعلهم ،منوها إلى المدارس الجديدة أطلقت العديد من الفعاليات التربوية والأنشطة اللاصفية بفضل توفر المساحات والمرافق المناسبة، ما عزز من أداء الطلبة وكفاءة الملاك التعليمي.
وبدوره أشار مدير مدرسة الفرح النموذجية، حمزة سعد : إلى أن المدرسة تضم مكتبة تحتوي على أكثر من 400 كتاب عن تاريخ العراق والحضارة الصينية، فضلاً عن غرف مخصصة للصحة المدرسية والإرشاد التربوي، وسعات صفية نموذجية لا تتجاوز 20 تلميذاً، ما يعدّ مؤشراً إيجابياً للتعليم النوعي.
وعلق مدير ثانوية المتفوقين الثانية الدكتور حيدر طه، : أن البيئة التربوية المتكاملة في المدارس الجديدة حسّنت من الحالة النفسية للطلبة، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في نسب النجاح والتفوق، مضيفاً أن المدرسة سجلت 430 حالة إعفاء نتيجة التفوق الدراسي، وهو رقم غير مسبوق يدلُّ على أهمية البيئة المدرسية السليمة.
ويرى مراقبون أن مشروع الأبنية المدرسية الوطني في محافظة ذي قار يجسِّد خطوة جوهرية في مسار تطوير التعليم في العراق، ويعكس التزام الحكومة بتوفير بيئة تعليمية معاصرة تحتضن الأجيال القادمة، وفيما يكتمل تسليم المدارس، تستعد المحافظة لمرحلة جديدة من التأثيث والتشغيل الذكي، لتبدأ حقبة جديدة في تاريخ التعليم العراقي تنهي عقوداً من الاعتماد على المدارس الطينية والمباني المؤقتة.
k444