الأسطورة الترامبيةهل يُعدّ الرجل أداةً لتفتيت المنطقة أو حلاً لأوجاعها المزمنة؟ افق في سياسات التضليل والخداع في زمن الحذر والاختبار

بقلم _ فتحي الذاري 

17مايو 2025م

 

في عصر يُحاكَم فيه المواقف بالمعايير الدقيقة والتوصيفات الفريدة، تظهر توجهات إعلام التطبيع العربي بشكلٍ متكرر في تصوير الموقف الترامبي الحازم تجاه كيان الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني  على أنه الحل الأمثل لآلام المنطقة المزمنة، مُروجين لرؤى تُقبل عبر تدوير الأوهام والأحلام غير الواقعية. فالحملات الإعلامية تتباهى بأن ترامب يحمل مشروعًا لطي صفحة الصراع، ويفترضون براءة زيفِه، وهو ما يتناقض مع سجلّ التاريخ المليء بالممارسات والتصريحات التي تؤكد تضاد ذلك تمامًا.

يحاول إعلام التطبيع أن يروج لصورة الصلابة الحازمة لترامب الراقص في الرياض ، مبرزين عدم زيارته المُعلنة لكيان الاحتلال الإسرائيلي كعلامة على قوته، رغم أن جيوب السياسات الأميركية مليئة بالخيانات والخداع، وما تشيعه مراكز الدراسات الغربية والعربية عن رؤاه الاصلاحية يكتنفه الشك، حيث تُجمع أغلب التقارير على أن شخصية ترامب تنحط أخلاقيًا، وتُراه كائنًا سياسيًا مزدوج المعايير، إذ يُقال في دراسة حديثة أن 76% من خبراء علم النفس الأمريكي يرون في شخصيته سماتٍ ذات صبغة كاذبة، تزداد  في كل مرة يُصدر فيها تصريحات علنية أو قرارات مثيرة للجدل، وكما تكشف دراسات روسية موثوقة، فإن شخصية ترامب تتسم بنقص في المبادئ والأخلاقيات، وهذا يتحول إلى دائرة رسمت معالمها في علاقاته مع القوى الدولية، مُبرزين أن حُب الظهور والتصريحات المُضللة هو عنوان المرحلة.

الإعلام العربي الملبد بأوهام التطبيع لا يتوقف عن تسويق أدوار بطولية لترامب، مُحالين إنه يدعو للراحة والأمان، وأنه سيوفر الاستقرار المزعوم، وهو ما يبرره البعض برغبته في استرضاء أنظمة ملتبسة، مستخدمًا عبارات شحن فيها التضليل والكذب، فهل ينسى أحد أن ترامب هو من زوّر الحقائق، وفرّط بمقدسات الأمة، وضمّ القدس للجغرافيا كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتجاوز كل وصاية على المقدسات، وهو من أوقف دعم وكالة غوث اللاجئين (الأنروا) وأوقف تمويل البرامج الإنسانية التي تدعم الشعب الفلسطيني المنكوب؟، وهو من جعل قواعده العسكرية محتلّة في أكثر من بلد عربي، في مقدمتها قاعدةالعديد التي تحكم على المنطقة برمتها بمساراتٍ معقدة، وساهم في تهيئة المنطقة لمزيد من التفتيت والفوضى.

هنا، لا بد أن ننظر للأمر بعين فاحصة، ففي زمن الاحتلال والتخاذل العربي، تبرز تناقضات جسيمة، حيث لم تتوقف الإدارات الأميركية عن تقديم الدعم المطلق لكيان الاحتلال الإسرائيلي ، سواء زادت في انتهاكاتها، أو تجاوزت كل الأعراف الدولية، وهو ما أكدته حقوق الأمم والشهادات الموثوقة. ومع أن بعض الأنظمة تطبلُ ل الصفقات مع ترامب، إلا أن الحقيقة أن ذلك يأتي على حساب ثوابت الأمة، فموقف ترامب من القدس، والجولان، ومساعدة الاحتلال على استدامة احتلاله، لم يتغير.

كما أن الترويج الإعلامي السعودي والقطري يحاول أن يخلق صورة الوسيط الحازم  ، ولكن بعيدًا عن الحقيقة، فالغموض والارتباك يطغيان على السياسات الواقعية؛ فترامب هو نفسه من تردد في السياسات الخارجية، وأظهر صدامات علنية مع الصين، وفتت الوحدة الأوروأطلسية، واستغل انقسامات أوروبا، ليصبح أدواتِ تآمرٍ ضد استقرار الغرب، وهو الذي رفع الرسوم الجمركية لحدود 145% على المنتجات الصينية، ثم سارع إلى التراجع، مدركًا أن مصالحه الاقتصادية تتطلب إعادة النظر.وإن كانت شخصية ترامب لا تخلو من سمات الفوضوية، فهي تتجلى بشكل جليّ في تنقله بين المواقف، ففي رئاسة ثانية، رأينا تقلباته المذهلة بين التصعيد مع الصين، والتراجع عنها، وهو ذات الأمر الذي يؤكد عقلية غير ثابتة، تؤمن بالابتزاز، والمازوخية في اللعب بمصالح العرب، إذ يضاعف من أزماتهم، ويستخدمهم كورق أو رهانات، إو لابتزازهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى