ما هي حقيقة المساعدات الصينية إلى غزة ؟

بقلم _ د. محمد العبادي

يبدو أن الأقدار لم يكن في خزائنها طعاماً لأهل غزة سوى الجوع . ويبدو أن جوع أهل غزة سيأخذ النّاس إلى يوم قمطرير مالم يقفوا معهم ولو بشطر كلمة. إنّهم أعزّ من تلك القطة التي حبستها أمرأة لا هي اطعمتها ولا هي أطلقتها، فدخلت بسببها النار…
إنّ غزة أصبحت كاشفة؛ فقد كشفت لنا هوية البشر؛ فبعضهم وقف مع غزة، وبعضهم ضدها، وصنف ثالث كان يتفرج عليها ولا يبالي بما يحدث .
في غزة تعانق الألم اليومي مع الصمت الدولي ، وأطلّت الصين برأسها إعلامياً ليس من واجهة الصراع التجاري والثقافي مع الغرب، بل من خلال اسقاطها مساعدات إنسانية جواً على غزة !!!
فما هي حقيقة تلك المائدة التي نزلت من السماء بواسطة الصين، وكانت عيداً لأهالي غزة؟!
إنّ الصين قدمت مساعدات حقيقية وموثقة لقطاع غزة، لكن لم تسقط شيئاً بطائراتها عليهم.
نعم قدمت الصين مساعداتها بالتنسيق مع منظمات انسانية معترف بها؛ ففي شهر شباط/فبراير 2025م تعاونت بكين مع الهيئة الأردنية الهاشمية وأرسلت طروداً غذائية إلى (60.000 ) عائلة فلسطينية داخل قطاع غزة، وقد تم هذا عبر المعابر الحدودية التقليدية، وبالتنسيق مع الجانبين الأردني والمصري دون استخدام أي طائرات إنزال أو عمليات جوية، وأيضاً تبرعت الصين بمبالغ متواضعة لتمويل الأنشطة التعليمية والتربوية عبر وكالة غوث التابعة للأمم المتحدة.
أما الفيديوهات التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي حول مساعدات الصين للغزاويين؛ فهي مقاطع لا أساس لها من الصحة، ربما تم الترويج لها من قبل المتعاطفين مع الصين مناكفة للموقف الغربي .
من مآسينا المزمنة أننا نتلقف الأخبار التي تحمل بارقة أمل دون تدقيق وتحقيق، ومن مآسينا أن سيل المعلومات الجارف لم يترك لنا فرصة أن نلتقط أنفاساً نستعيد فيها وعينا ونميّز فيها بين الحقيقة والدعاية .
إنّ الصين القوية اقتصادياً لم تصرح خارجيتها أو قادتها تصريحات عنترية على غرار عنتريات العرب الفارغة دعماً لغزة، ولم تسقط شيئاً من السماء على أهل غزة، فمن الذي أسقط تلك الروايات على عقول النّاس؟!
نعلم أن الصين وقفت في الضفة الأخرى المقابلة للضفة التي وقفت فيها أمريكا واسرائيل معاً، لكنها لم تدخل بقوة تناسب قوة أقتصادها لدعم الشعب الفلسطيني في غزة .
ونعلم أيضاً أنّ هذه الدعاية تسبب ضغطاً شعبياً ضد الأنظمة العربية العاجزة أو المتواطئة، ونعلم ما لهذه الدعاية من مكاسب وتأثير في اطار الصراع العالمي الغربي والشرقي ، لكن ليس صحيحاً أن نقدم دعماً نفسياً ومعنوياً للشعب الفلسطيني من خلال هذه الأخبار المزيفة .
إنّ الشعب الفلسطيني يعاني من نسيان أغلب العرب له، ولو عمل العرب على تطبيق اكذوبة ( الحضن العربي)، وأنفقت الدول الخليجية القارونية 1% من مدخراتها واحتياطاتها أو صفقاتها النجومية لأستغنى الشعب الفلسطيني من دعم الصين وغيرها.
إنّ غزة أبية وعصية لا تستجدي الاهتمام من أحد ، ولا تقبل بدعم من لايقدرها ويحترمها، إنّها الكرامة والحرية التي تعلموها من أرض فلسطين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى