رداء بلا ذات

بقلم _ عفاف البعداني

أواصل المشي ولا شيء يدعو للوصول، هذا العالم كله شخص آخر لا يغريني. الأشياء نفسها تحمل هم الغواية وعشق الرحيل باستمرار، وأنا أتمسك بهدوء الليل. أحمل خبزًا طريًا أمنحه للعالقين في منتصف الطرق حتى يعودوا لحب الحياة دون اللجوء للمهدئات، لكن الغربان تظن أنني وريثة لصديق يُوزرسيف، تصدق الخبز أكثر مني، فأنثر لها كل شيء حتى لا نلتقي ، وحتى لا أتفتق بالحلم، وحتى أرى حبات المطر ونفترق بصمت بلا دموع. إنني أرفض المعارك الجدلية الخاصة بتوثيق الحب، وأعتقد أنني جازمة، بيني وبين هذا العالم خيط شفاف أحبس أنفاسي فيه، تاركة للفراغ شعور العدم وتفاصيل النهاية.

لا أريد الاصطدام بكائنات غير مرئية، أشخاصً متعفنين، وأماكن رثة ملئت بغيري، أشفق على ذاتي كثيرًا. لست سوى شيء قديم يتلهف لأن يلتحم بذاته، مكتئب من تفاصيل الموت والبقاء، ولم يعجبه أي شيء. ربما أحببت هذا الحقل المسكوب، وكانت هذه خسارتي، لكني حتى اللحظة لم أتحدث مع حبة قمح واحدة. أتجول بمعدة فارغة، أتذوق الفراغ، وكل أمنيتي ألا أفقد طمأنينتي، وسرعان ما أتلهف وأبحث عن المسحوق الأسرع كي لا أختنق بغثيان هذا الأسى.

شعور الاحتياج يفقدني عافيتي ويغلق كل سبل تنفسي، لذا أجد نفسي معزولًا على هيئة فضيلة خائفة، تخشى السقوط في براثن المرض. أرى كل شيء، لكن الأشياء الجميلة لا تراني ولا تتحرك خطوة واحدة نحوي. الأشياء متفقة على أنني أعاني من تجاعيد النهايات غير المبدوءة وطرق المشاعر المعقدة. أتجمع كثيرًا داخل هذا الرداء الحزين، أبحث عن أيام دافئة ونوبات أرق متكررة كعادة أبدية، أشفق على شامتي، كيف اسودّت هذه الأيام، ألأنها اختارت جبيني الأيسر حيث تتشابك متاهات الخفقان؟ أهذه هي غصة القلب، أم بعض من جمال الصبر نما في جلد كعبث سيف بين المقاومين؟ أرهقتني محاولاتي اليائسة وإخفاقاتي المتكررة، ولم تعد المكانة تشكل فارقًا.

إن هذا الموج يتنفس بحرقة، والدخان يتصاعد منه بكثافة، هل غرقت جميع الأسماك بداخله؟ هل ابتلع البحر جسد الحورية المتعبة؟ أم أنّ قدر الكائنات الغريبة أن تتعذب ولا تموت بسرعة، أم أن هناك أملا في تعذيب أبدي دون فكاك؟ إنني الآن أمضي بسرعة، أتجاهل هذه الذات، أبحث عما يتبقى مني وكلي مخاوف، مخاوف البحر الذي أكل نفسه ولم يقدر على ملامسة السماء. أخيرًا، ابتسم الشاطئ وهو يترقب وقوعي. ارتطمت بالأرض فتهمش صبري، وطارت بعض أسراري إليه، وصلته من حيث لا أدري. تصافح بؤسنا قبلنا، وأحبني بلا أمل.

#الحملةالدوليةلفك حصار مطارصنعاء
#اتحاد كاتبات اليمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى