تسعة أقمار أنطفأت
بقلم _ عفاف فيصل صالح
سؤال يفرض نفسه وهو:
كيف حالكِ ألاء النجار..؟
صفّي لنا هل استطعتِ مواصلة الحياة بعد أن اختفت منكِ حياتكِ بلمح البصر…؟
هل سيواصل قلبكِ النبض بعد أن أنتزعت منكِ تسعة أرواح بدفعةٍ واحدة…؟!
أنتِ دكتورة أطفال، أنتِ جبرٌ لجراح الأبرياء، أنتِ شفاء للمرضى، أنتِ عافية للثكالى.
كنتِ تُعالجي الصغار، وكنتِ تتحركين بكل جهد حتى لا يفقد أحدٌ أبنائه، وتمسكين بخيط الأمل وتربطينه بأيدي الأطفال وسط رُكام الحرب، بين سيل الدماء، تمسحين دموع الأطفال…
فما كان شعوركِ وأنتِ تستقبلين أبنائكِ التسعة وهم مكللون بوسام الشهادة…؟
مابين ابتسامة، ونوم، ونداء، أصبحتِ الآن تنادينهم ولا تسمعين لهم حتى نفسًا…
نعم، حتى نفس لن تسمعيهم مرة أخرى…
مابين لحظة ولحظة، فقدت فلذات كبدها التسعة…!
أي عقل يستوعب هذه الفاجعة…؟
أي قلب يتحمل كل هذا الحِمل…؟
أي روح تطيق البقاء وقد تطايرت أسباب حياتها…؟
أي عيون تستطيع تحمل هذا المنظر…؟
أي شخص منكم يقدر على تحمل هذا الظلم…؟
لقد تعدت الخنساء في صبرها التي أُضرب بها المثل… في معركة القادسية، ووصلت لموقف زينب الحوراء التي وقفت مواجهة الطاغية يزيد بكل قوة وثبات، قائلةً: ما رأيتُ إلا جميلاً…
يا من كتمتي دموعكِ الشجاعة، وتكتمين معالجةً لتقولي لكل العالم:
أنا من غزة… أبكوا أنتم، أما أنا فلن أركع.
آلاء النجار لم تَكُن طبيبة فقط، بل كانت أُمًا وأُمةً صارخةً في زمن الصمت والخنوع، بكل قوةٍ وإيمانٍ بالله، وانكسارٍ وخذلانٍ من سكوت الوطن العربي.
صرخت وقالت: تسعة شموسٍ أنطفأت…
أرواحًا أرتقت وارتفعت إلى عنان السماء، لتكشف وتفضح ظلام وفساد وخذلان هذا العالم المُطبع والخاضع لقوى الاستكبار.
—