[ توضيح فقهي موجز في مسألة ثبوت الهلال في ثلاث حلقات ] ( 1 )

[ الحلقة الأولى ]

بقلم _  حسن عطوان 

🖋 كتبتُ سابقاً أنَّ في مسألة ثبوت الهلال خلاف من عدة جهات :

🖋 الاولى : هل يشترط ثبوته في بلد المكلف وما قاربه في مشرق الشمس ؟؟
أو يكفي ثبوته ولو في بلد يقع شرق بلد المكلف ؟؟
أو يكفي ثبوته في أي بلد من بلدان العالم الإسلامي ؟؟
أو يكفي ثبوته في أيٍّ من قارات العالم القديم ( آسيا ، افريقيا ، أوربا ) ؟؟
أو يكفي ثبوته ولو في بلد يتفق معه بلد المكلف في جزء ولو يسير من الليل ؟؟

أقوال عند فقهائنا رحم الله الماضين منهم ، وحفظ وأدام ظل مَن لم نزل نستظل بظله .

وعليه : إذا أعلن فقيه ثبوته وفق مبناه فلا يصح لمقلدي مَن يقول بأحد الأراء الأخرى أنْ يأخذوا برأي هذا الفقيه .

مثلاً : السيد الخوئي ( قُدّستْ نفسه الزكية ) يكفي عنده ثبوت الرؤية في أي بلد يشترك مع بلد المكلف ولو بجزء يسير من الليل ، هذا الرأي لا يجزي العمل به بالنسبة لمقلدي السيد السيستاني ( دام ظله الوارف ) ، إذ يشترط سماحته ثبوت الهلال في بلد المكلف وما قاربه في مشرق الشمس .

بل أكثر من ذلك ، نفس مقلدي السيد السيستاني عليهم أنْ يأخذوا بنظر الإعتبار وضع الهلال في البلد الذي يسكنون فيه فعلاً ، فعندما يعلن مكتب السيد في النجف الأشرف عدم ثبوت الرؤية في أفق النجف وما قاربها ، فهذا لا يعني عدم ثبوتها للقاطنين في أحد البلدان الأوربية مثلاً ، فلعل الهلال يُرى في البلد الذي يسكنه المكلف .

🖋 الجهة الثانية : هل يكفي ثبوت رؤية الهلال بالعين المسلحة أو لا بد من ثبوتها بالعين المجردة ؟؟

وهنا أيضاً لا يكفي ثبوته بالعين المسلحة بالنسبة لمقلدي مَن يشترط ثبوته بالعين المجردة .

مثلاً : من الفقهاء مَن يكتفي بثبوت رؤية الهلال ولو في بلد يقع الى شرق بلد المكلف ، كالسيد الشهيد محمد الصدر ( قُدّست نفسه الزكية ) ، وايران تقع شرق العراق ، فإذا ثبتت فيها فهي تثبت في العراق ، ولكن هذا لا يعني أنّه إذا ثبتت عند السيد الخامنئي ( دام ظله ) فيثبت لمقلدي السيد الشهيد ، إذ أنَّ السيد الخامنئي تكفي عنده الرؤية بالعين المسلحة ، ولعل إعلانه ثبوت الرؤية في الجمهورية الإسلامية ناشيء من ثبوتها بهذه العين ، في حين أنَّ السيد الشهيد يشترط في الثبوت أنْ تكون الرؤية بالعين المجردة .

🖋 الجهة الثالثة : هل لابد من ثبوت رؤيته بالعين – مجردة أو مسلّحة على الخلاف – فعلاً أو يكفي أنْ يقول علماء الفلك إنَّ رؤيته ممكنة في البلد الفلاني بالعين المجردة أو المسلّحة ؟؟

وهنا كذلك لا يكفي لمقلدي الفقيه القائل بالرأي الأول العمل برأي فقيه يقول بالرأي الثاني .

فقد يتفق فقيهان على كفاية ثبوت الرؤية في بلد يشترك مع بلد المكلف ولو بجزء من الليل ، ويتفقان على كفاية ثبوت الرؤية بالعين المسلّحة ، لكنَّ أحدهما يقول بكفاية أنَّ يقول علماء الفلك إنّه يمكن رؤيته في بلد ما ، كما هو مبنى السيد فضل الله ( قُدّست نفسه الزكية ) ، بينما يشترط الآخر الرؤية الفعلية ، فحينئذ إذا أُعلن ثبوت رؤية الهلال اعتماداً على قول الفلكيين فإنَّ هذا لا يعني بالضرورة ثبوتها على مبنى مَن يشترط الرؤية الفعلية ، إلّا إذا أورث قول الفلكي الإطمئنان للمكلف .

🖋 نعم لو علم المقلِّد بثبوت رؤية الهلال في بلده وبالعين المجردة هنا يعتمد على علمه ولو لم يعلن الفقيه الذي يقلده ثبوتها .

📌 ثُمّ ..

إنَّ هذه المسألة مثلها مثل أية مسألة خلافية أخرى لا يصح أنْ تكون مورداً للخلاف والتشنج والتنازع بين المؤمنين .

كما لا معنى للدعوة الى توحيد الرأي في ذلك ، إذ الفقيه يبني رأيه على ما يكون حجّة من الأدلة عنده بينه وبين ربّه ، وعلى ما يستظهره من تلك الأدلة ، ودليله وما يستظهره منه حجة عليه وعلى مقلديه .

فالتعامل بحسّاسية من قبل بعض المؤمنين مع هذه المسألة ليس في محله .

[ له تتمّة إنْ شاء الله ]

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى