كنوز ميديا – متابعة
منظمة “غزة الإنسانية” تُتهم بالتجسس لصالح “إسرائيل” تحت غطاء تقديم المساعدات، وسط تحقيقات سويسرية ومخاوف من التواطؤ في التهجير القسري.
الكثير من الحبر سال في موضوع “منظمة غزة الإنسانية” التي تستخدمها “إسرائيل” لتوزيع المساعدات في غزة كبديل لعمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
في هذا التحقيق نحاول تسليط الضوء على بعض الزوايا المخفية لهذه المنظمة التي أنشئت في 17 شباط/ فبراير الماضي في جنيف واختفت فجأة من السجل العقاري لجنيف في 28 أيار/ مايو أي بعد أقل من ثلاثة أشهر ونصف على إنشائها.
المعلومات تقول، إن سجل جنيف التجاري شطب هذه المنظمة من سجلاته بعد استقالة المحامي السويسري “ديفيد كولر” من إدارة المنظمة، وبالتالي فقدت هذه المنظمة شرعية وجودها في جنيف، إذ يفرض القانون السويسري أن تتمثل أي شركة أو منظمة بشريك سويسري لكي يتم تسجيلها في السجل العقاري قانوناً.
حتى الآن لم تعلن المنظمة عما إذا كانت تريد البقاء في جنيف واستبدال المحامي المستقيل بشخصية أخرى أم أنها ستُنهي وجودها في جنيف بشكل تام.
لكن المعلومات تشير إلى أن المنظمة ستسحب أعمالها من جنيف وتعيد كل أنشطتها إلى مقرها الثاني في ولاية “ديلاوير” في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا القرار لم يكن ناتجاً عن استقالة الشريك السويسري من إدارتها إنما على خلفية الملاحقات القانونية التي بدأت فعلاً في سويسرا حول أنشطتها ولا سيما الأنشطة الأمنية في قطاع غزة.
خليفة “بلاك ووتر” في غزة
فالمنظمة أسندت العمل الميداني إلى شركات أمنية أميركية خاصة كشركة “كونستيلس” وريثة بلاك ووتر، و”ORBIS” و”GDC”، وعناصرها من العسكريين الأميركيين السابقين، ك”جيك وود” الجندي الأميركي السابق الذي شارك في الاعتداءات الأميركية على العراق وأفغانستان، الذي استقال في 28 أيار/ مايو من مسؤوليته كمدير تنفيذي للمنظمة.
التحقيقات التي بدأتها وزارة الخارجية السويسرية تتعلق بشكل خاص بالدور الأمني لهذه المنظمة، إذ يمنع القانون السويسري أي نشاط ذي طابع عسكري أو أمني على أراضي سويسرا من دون التنسيق المسبق مع الحكومة السويسرية، خصوصاً إذا كان الاتهام بالقيام بأنشطة أمنية يستغل الواجهة الإنسانية، كما فعلت منظمة “غزة الإنسانية”.
التقارير التي جمعتها المنظمات الإنسانية في غزة، أكدت أن العناصر الأمنيين التابعين لـ”غزة الإنسانية” يستخدمون كاميرات التعرف على الوجه التي تسمح بفحص الأشخاص الذين يأتون لجمع الطعام، وكانت “إسرائيل” قد استخدمت في السابق هذا الأسلوب للتعرف على الفلسطينيين منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023 في مناطق مختلفة من القطاع ولا سيما عندما كانت تطلب من الفلسطينيين الانتقال من الشمال إلى الجنوب أو العكس، ويضطر هؤلاء للمرور عبر حواجز إسرائيلية مجهزة بهذا النوع من التقنيات.
يقول فيليب غرانت، مدير منظمة تريال إنترناسيونال الحقوقية ومقرها جنيف للميادين: “لقد أوضحت “مؤسسة غزة الإنسانية” في مناسبات عديدة أنها ستقدم المساعدة بطريقة آمنة للغاية في مراكز التوزيع جنوب قطاع غزة. وللقيام بذلك، تستخدم شركتين عسكريتين خاصتين من الولايات المتحدة، لذلك نسمع أكثر فأكثر أن لهذه الشركات أيضاً دوراً استخبارياً محتملاً، فقد سمعنا الكثير عن كاميرات التعرف على الوجه التي تسمح بفحص الأشخاص الذين يأتون لجمع الطعام.
المنظمة قد ترتكب جرائم حرب
وبعد أيام قليلة على بدء عملها في أربعة مواقع حددتها المنظمة في جنوب ووسط غزة، بدأت ترتفع المخاوف من شراكة محتملة لهذه المنظمة بجرائم الحرب الإسرائيلية، فالمنظمة “الإنسانية” تطلب من الفلسطينيين، ولا سيما سكان الشمال، وهم الأكثر حاجة للمساعدات الإنسانية، الانتقال إلى هذه المراكز، وهي تبعد مسافات كبيرة عن أماكن سكنهم، والخوف من أن يكون هذا الانتقال تطبيقاً لخطة إسرائيلية لإفراغ شمال القطاع من سكانه ومنعهم من العودة تمهيداً للسيطرة عليه نهائياً.
ويحذّر غرانت عبر الميادين من وجود خطر حقيقي من أن تكون مؤسسة غزة الإنسانية متواطئة في جريمة حرب التهجير القسري للسكان، فيقول: “إذا اتضح أن خطة الحكومة الإسرائيلية تهدف في الواقع إلى نقل جزء من سكان غزة من الشمال إلى الجنوب، كما يبدو الآن، وأن مؤسسة غزة الإنسانية، بعلمها الكامل بهذه الخطة، فهي تقوم بفتح مراكز توزيع الغذاء لجذب الناس إلى الجنوب، فهذا يعني تقديم مساعدات من أجل تهجير السكان وهذا قد يُعرّض موظفي المؤسسة للملاحقة القضائية بتهمة التواطؤ في جريمة حرب”.
من موّل “منظمة غزة الإنسانية”؟
لم تعلن أي جهة رسمية حتى الآن عن تقديم تمويل لمنظمة “غزة الإنسانية” للمساهمة في تقديم المساعدات الإنسانية لأهل غزة، ومسؤولو هذه المؤسسة أعلنوا مراراً أنهم حصلوا على تمويل بقيمة 100 مليون دولار من دولة غربية.
لو كانت الولايات المتحدة، التي شاركت في تأسيس هذه المنظمة، هي من قدّم هذه الأموال لكانت أعلنت ذلك بصراحة، فلا يوجد أي داعٍ لعدم إقدام ترامب على المفاخرة بتقديم الدعم للفلسطينيين، أما من ناحية الدول الأوروبية، فالاتحاد الأوروبي أصدر بياناً واضحاً يرفض فيه استخدام أي منظمة غير المنظمات التابعة للأمم المتحدة ولا سيما “الأونروا”، لتوزيع المساعدات الإنسانية على الفلسطينيين.
يسود الاعتقاد في جنيف، أن هذه الأموال يمكن أن تكون قد مرت عبر هنغاريا، إلى “إسرائيل” ومن ثم إلى هذه المنظمة، لكن مصدر الأموال الفعلي لم يظهر بعد، علماً بأن معلومات في جنيف تشير إلى دولة شرق أوسطية، يمكن أن تكون عربية، هي من قدمت هذه الأموال “لمنظمة غزة الإنسانية”.ع666