سوريا الجديدة: كيف تعيد الإمارات وأمريكا وفرنسا تشكيل السلطة بعيداً عن الأسد والجولاني؟

بقلم _ عدنان عبدالله الجنيد أبو الحمزة

بالرغم من انشغال الرأي العام العالمي بتداعيات سقوط نظام بشار الأسد، تجري في الكواليس عملية معقدة وسرية لإعادة تشكيل هيكل السلطة في سوريا. هذا المشروع لا يعتمد على القوة العسكرية أو الرصاص، بل صيغ في غرف التفكير واجتماعات استخباراتية عالية السرية.

والهدف هذه المرة ليس الأسد، بل الجولاني، الذي يوشك على أن يُزاح جانباً.

يقف وراء هذا التحول تحالف ثلاثي يضم الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، يسعى إلى بناء سوريا “قابلة للإرادة” و”موالية للغرب”.

مشروع سري لاستبدال الجولاني

وفقاً للمعلومات المتاحة، أُعدّت خطة استبدال الحكومة السورية الحالية بقيادة الجولاني بشكل كامل من دون علمه، ولم يُستشر أو يُخطر أو يُمنح أي دور في المداولات.

الجولاني، الذي حاول لسنوات أن يظهر كشريك مقبول لدى الغرب، يواجه الآن حقيقة قاسية، إذ لا يُنظر إليه إلا كجزء من الماضي في مستقبل سوريا.

وضعت هذه الخطة الإمارات بتنسيق وثيق مع الولايات المتحدة، بدعم فرنسي واضح.

وقد اطلعت بعض الأجهزة الاستخباراتية الإقليمية والدولية على جوانبها العامة، بينما بقيت تفاصيلها في غاية السرية.

هيكل الحكومة الجديدة: فسيفساء طائفية ومكونية

ستتألف الحكومة السورية الجديدة من مزيج متنوع من الطوائف والمكونات الدينية والعرقية، تضم السنة، العلويين، الدروز، الإسماعيليين والمسيحيين. يأتي هذا التنوع في محاولة لكسر صورة الحكم الأحادي، وتقديم نموذج لسوريا “شاملة”.

ورغم هذا التنوع الظاهر، تكمن النقطة المحورية في أن جميع أعضاء الحكومة الجديدة إما منشقون عن نظام الأسد أو لم يتعاونوا معه، ما يعني نهاية الجولاني ونهاية الأسد.

أيمن الأصفري: القوة الاقتصادية خلف الهيكل الجديد

في مقدمة هذا الهيكل، تظهر شخصية غير معروفة على نطاق واسع، لكنها ذات تأثير عميق في دوائر النفط والسياسة العالمية، وهو الملياردير السوري البريطاني أيمن الأصفري، مالك شركة “بتروفاك” العالمية.

وجوده يدل على أن الحكومة المقبلة ليست مشروعاً سياسياً فحسب، بل مشروع إعادة إعمار اقتصادي تقوده المصالح والاستثمارات.

أسماء بارزة في الحكومة الجديدة

• الشيخ محمد حبش (سني، مفكر ديني معتدل مقيم في الإمارات)

• العميد مناف طلاس (ضابط منشق عن جيش الأسد، مرشح للقيادة العسكرية)

• سامي الخيمي (السفير السوري السابق في لندن)

• جهاد مقدسي (المعروف بـ”جي مكديزي”، المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية، مسيحي معتدل)

• سمير التقي (علوي، طبيب قلب وكاتب سياسي وإعلامي بارز)

وجوه مؤثرة في الظل

• نزار الأسعد: رجل أعمال علوي، يعمل كضامن لطمأنة الطائفة العلوية بتمثيلها ضمن النظام الجديد، ما يمنع الانزلاق الطائفي.

• نبراس فاضل: نجل المستشار الاقتصادي السابق لبشار الأسد، يمثل محاولة دمج الكفاءات السابقة ضمن المنظومة الجديدة، مع خلفية تقنية واقتصادية.

• يحيى القضماني: تاجر مقيم في دبي، رفض سابقاً عرضاً من الجولاني لتولي حقيبة الزراعة، لكنه اليوم يبدو موافقاً على الانخراط في الحكومة الجديدة، كرمز للانتقال من الخطاب المتشدد إلى الاعتدال والاقتصاد.

• حين م. يوسف: كاتب وسيناريست معروف، وجوده في الحكومة يدل على إعطاء أهمية للثقافة والإعلام في بناء رواية جديدة لسوريا داخلياً وخارجياً.

دور الإمارات وأمريكا وفرنسا: سوريا وفق رؤية الغرب

تتبوأ الإمارات مركز الصدارة كالمهندس السياسي لهذا المشروع، مستفيدة من ثقلها المالي وعلاقاتها الإقليمية وتنسيقها الوثيق مع الغرب. أما الولايات المتحدة وفرنسا فتوفران الغطاء السياسي والاستخباراتي، مع تركيز فرنسي خاص على دور المسيحيين واللبنانيين.

مستقبل الجولاني: خروج مشرف أم تهميش قسري؟

المعطيات تشير إلى أن الجولاني سيُجبر على القبول بالتغيير، حيث لا يراه الغرب شريكاً مستقبلياً. تركيا، تحت ضغوط أو إغراءات أمريكية، ستوافق أو على الأقل لن تعارض.

الحكم الذاتي للعلويين: خطة توازن موازية

أحد السيناريوهات المطروحة هو إعلان حكم ذاتي للطائفة العلوية في محافظتي اللاذقية وطرطوس، بدعم روسي وربما غربي، ليكون كياناً توازناً يمنع تصاعد الاحتقان الطائفي.

خاتمة: مشروع سوريا بلا تطرف ولا أسد

إسقاط حكومة الجولاني يعني أكثر من مجرد إزاحة قائد متشدد، بل إعلان نهاية لعهد طويل من الاستبداد والتطرف في سوريا.

إذا تحقق هذا المشروع، فسيشكل بداية لعهد جديد في السياسة الإقليمية تُبنى فيه الحكومات عبر التوازنات والتكنوقراط والتحالفات الاقتصادية، لا عبر البندقية.

سوريا الجديدة قادمة، لكن طريقها لن يمر من دمشق أو إدلب، بل من أبوظبي وباريس وواشنطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى