فضل الشهداء ومكانتهم – قصص من فلسطين

بقلم / د. أحلام أبو السعود

سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية

 

✦✦✦✦✦✦✦✦✦✦✦✦

 

الشهداء… ذاكرة الأمة الحية، ونبض كرامتها الذي لا ينقطع.

هم الذين يمضون إلى المجد بلا تردد، ويكتبون للتاريخ سطورًا لا يمحوها الزمن، ويمنحون الحياة معناها الأعمق وسط الموت المتربص بكل زاوية من زوايا فلسطين.

 

في كل مرة نحاول أن نرثيهم، نكتشف أن كلمات الرثاء لا تليق، فهم لا يموتون، بل ينتقلون إلى مقامٍ أسمى… مقام الخلود.

 

✦ الشهادة في الإسلام: منزلة لا تُضاهى

 

الإسلام كرّم الشهيد ورفعه إلى أسمى المقامات، وجعل له من الفضائل ما لا يُعطى لغيره. فقد بشّر النبي ﷺ الشهداء بخصالٍ ست، منها غفران الذنوب، والأمان من فتنة القبر، ورؤية مقعده من الجنة منذ اللحظة الأولى، فضلًا عن شفاعته لسبعين من أهله.

 

ولأن الكرامة الإلهية لا تُقاس بالظاهر، فقد وسّع الإسلام مفهوم الشهادة، ليشمل من يموت بالطاعون، أو الغرق، أو في الهدم، أو في سبيل مقاومة الظلم والعدوان، بل حتى من تموت في ولادتها، كما في الحديث الصحيح.

 

✦ فلسطين: الأرض التي باركها الله واختارها مسرحًا للشهادة

 

فلسطين ليست مجرد وطن، بل مسرح للرباط، وميدان للبطولة المتواصلة. هي الأرض التي بارك الله حولها، ومنها كان الإسراء، وفيها المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين.

 

قال النبي ﷺ في بيت المقدس: “أرض المحشر والمنشر…”، وفي حديث آخر: “من قُتل في بيت المقدس فله أجر سبعين شهيدًا.” فهل بعد هذا فضل؟!

 

في كل بيت فلسطيني قصة شهيد، وفي كل حي موكب وداع، ومع ذلك، فإن فلسطين لا تنكسر. بل يشتد عودها بعد كل وداع، وتكبر جذوتها مع كل دمٍ يُراق.

 

✦ خنساوات فلسطين: ملحمة الصبر والمجد النسائي

 

إذا كانت الخنساء في صدر الإسلام قد افتخرت باستشهاد أبنائها الأربعة، فإن فلسطين اليوم تزخر بخنساوات معاصرات، يصنعن المجد بصبرهن وثباتهن.

 

الطبيبة آلاء النجار، من خانيونس، ودّعت تسعة من أطفالها دفعة واحدة، أثناء قيامها بواجبها الإنساني في مستشفى ناصر. لم تنهَر، بل واصلت لملمة جراح أطفال غيرها.

 

وكم من أمّ فلسطينية قدّمت اثنين أو ثلاثة من أبنائها، ثم قالت: “يا رب تقبّلهم، وزدني صبرًا.”، وكم من أرملة فقدت زوجها وأبناءها، ثم قالت: “أبنائي عرسان في الجنة، ولنا موعد عند الحوض.”

 

إن المرأة الفلسطينية ليست فقط والدة الشهيد، بل رفيقة الشهيد، ومربية المجاهد، وخنساوات اليوم.

 

✦ الشهداء… النور الذي لا ينطفئ

 

إن الشهداء لا يحتاجون إلى تأبين، بل إلى وفاء. لا نكرّمهم بالبكاء، بل بأن نكون على عهدهم سائرين. كل قطرة دم سُفكت على تراب فلسطين، هي بذرة ستُثمر نصرًا، وكل جسد ارتقى هو نبض جديد في شرايين الأمة.

 

لن نسمح أن يُنسى الشهيد، ولا أن يُمحى اسمه، ولا أن تُسرق قضيته.

 

✦ ختامًا…

♡♡♡♡♡♡

إلى شهدائنا الأبرار:

نمتم ولكنكم أحييتم أمة، وكتبتم بدمائكم بيان كرامتنا، وعلّمتمونا أن طريق الحرية يبدأ من التضحية.

 

سنحمل الوصية، ونبقى على العهد:

“سأحمل روحي على راحتي… وألقي بها في مهاوي الردى

فإما حياةٌ تسر الصديق… وإما مماتٌ يغيظ العدى.”

 

والسلام على الشهداء في الخالدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى