{ الإعلامُ في القرآن الكريم }
بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
بقلم _ الباحث أ/ حميد الغزالي
لم يكن الإعلام وليد العصر الحديث، بل هو قديم أزلي قدم كوكب الأرض، وأول وسيلة إعلامية هي الإعلام الصوتي، تلاه الإعلام الكتابي بفترة كما ورد لنا في كتب التفاسير أن أول من خط بالقلم هو سيدنا إدريس عليه السلام٠
أما الإعلام الصوتي فهو أقدم وسيلة إعلامية على الإطلاق، فإذا أعدنا النظر إلى قصة سيدنا آدم عليه السلام حين أمره الله بقوله تعالى:(( قلنا ياآدم أنبئهم بأسمائهم )) الآية 33 من سورة البقرة٠
أي أنبئ الملائكة، والنبأ : هو إخبار المستمع بمعلومات أو أحداث مغيبة عنه، قال تعالى:(( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك )) 44 آل عمران، ومن هنا أطلق الإعلاميون عنواناً لما يعرف اليوم بنشرة الأنباء أو نشرة الأخبار٠
وللتوضيح أكثر، لنأخذ آية كريمة لنستدل بها على قدم الإعلام الصوتي، والأمر بشروعه في قوله تعالى:(( وأَذِّنْ في الناسِ بالحِجِّ يأتوك ٠٠٠)) الآية 27 من سورة الحج٠
فالله أمر سيدنا إبراهيم عليه السلام بالآذان، والأذان: مأخوذ من الأُذُنِ، وهي الجهاز السمعي، ومعنى أذن: هو إعْلِمْ أو نادي أو أسمع، قال تعالى:(( وأذان من الله ورسوله)) الآية 3 من سورة التوبة، أي: وإعلام من الله، وقوله:(( أُذِنَ للذين يقاتَلُون )) الآية 39 من سورة الحج، أي: أُعْلِمَ للذين يقاتلون ٠٠٠٠٠ !
والمقصود به في قصة إبراهيم هو إعلام الناس بشروع الحج، ولم يقل الله تعالى مثلاً: وأذن للناس، لأنه سيكون بمثابة إعلام للحاضر والغائب، ولكن أراد أن يكون الأذان لكل الحاضرين، فقال له:(( وأذِّنْ في الناس )) الحاضرين حولك، فالحرف《 في 》 يفيد الظرفية، وكأن هناك جمع غفير من الناس حول سيدنا إبراهيم حتى يناديهم فيهم بالحج، وهذا ما دفع إبراهيم للسؤال: وكيف أنادي في الناس يارب وأنا في صحراء شاسعة خالية من السكان البتة؟ ومن سيسمع صوتي أو” إعلامي “؟
فأجابه الله عز وجل: أنت عليك أن ترفع صوتك بالإعلام، ونحن سنقوم بإبلاغ الناس جميعاً!!
والسؤال هنا: كيف تم إبلاغ الناس وإعلامهم بهذه الشعيرة؟؟ ٠
ربما علم سيدنا إبراهيم أو لم يعلم أن الله قد جمع حوله وقت الأذان جميع البشر، فلما رفع صوته بالأذان سمعه جميع الناس في كل مكان وزمان، وسمعه كل من في الأرحام والأمشاج في الأصلاب إلى يوم القيامة، فكان جواب أمر الأذان قوله تعالى:(( يأتوك ))، أي: يأتوك رغماً عنهم، لأن الله عز وجل تولى إبلاغهم، إذ فطر الله الأنفس كلها على محبة زيارة بيت الله الحرام، وهي محبة غزيزية قهرية كامنة في النفس البشرية، تعمل على جذبها مرغمة لزيارة بيت الله الحرام، ومن منا لا تتوق نفسه لزيارة البيت العتيق! وهذا كله بفضل دور الإعلام الإبراهيم الرباني٠٠
لعلي بهذا العرض الموجز بينت للقارئ أن : الإعلام قديم جداً، وأول من أَعْلمَ وعَلَّمَ هو الله عز وجل في قرآنه الكريم، ثم أنبياؤه ومن يليهم حتى وصل إلينا اليوم باسم الإعلام، والله أعلم!!