**(عَطْفَةُ الْقَرْنِ)**  

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيم

بقلم _  عَبْدُ الْإِلَهِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجُنَيْدِ  

 

 

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَالْهُدَى، وَهُمْ لِإِخْوَانِهِمْ فِي غَزَّةَ يَخْذُلُونَ؟

 

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: «تَعَالَوْا إِلَىٰ قِتَالِ الْمُحْتَلِّ الصِّهْيَوْنِيِّ إِسْنَادًا وَدَعْمًا وَنُصْرَةً لِلْمُسْتَضْعَفِينَ فِي غَزَّةَ وَفِلَسْطِينَ، جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ»، إِذَا هُمْ يَخْشَوْنَ الْفِرْعَوْنَ الْأَمِيرَكِيَّ وَالْمُحْتَلَّ الصِّهْيَوْنِيَّ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً! ذَٰلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنِ الْحَقِّ صُدُودًا؛ يُرِيدُونَ بِذَٰلِكَ خِدْمَةَ الطَّاغُوتِ وَالْمُحْتَلِّ الْغَاصِبِ!

وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يُقَاتِلُوا الْمُحْتَلِّينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَهُمْ كَافَّةً، حَتَّىٰ يُخْرِجُوهُمْ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ أَذِلَّاءَ صَاغِرِينَ.

فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَضَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ ضَلَالًا بَعِيدًا؛ إِذَا رَأَوْا نَصْرًا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، رَأَيْتَ وُجُوهَهُمْ مُسْوَدَّةً، يَكَادُونَ يَتَمَيَّزُونَ مِنَ الْغَيْظِ! فَإِذَا هُمْ يَكِيدُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ كَيْدًا، فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا.

 

بَيْدَ أَنَّ تَدَاعِيَاتِ الْفَشَلِ الْكَبِيرِ لِلْعُدْوَانِ الْأَمِيرِكِيِّ الظَّالِمِ عَلَىٰ بَلَدِنَا لَا تَزَالُ تَتَفَاقَمُ، وَتَنْعَكِسُ بِتَأْثِيرَاتِهَا السَّلْبِيَّةِ وَبَالًا عَلَى الْفِرْعَوْنِ الْأَمِيرَكِيِّ. وَقَدْ هُشِّمَتْ قُوَّةُ الرَّدْعِ الْأَمِيرِكِيَّةُ، وَأُكِّدَتْ حَقِيقَةُ أَنَّ «أَمِيرْكَا قَشَّةٌ»، وَفُضِحَتْ هَشَاشَةُ تِلْكَ الْقُوَّةِ الْمَزْعُومَةِ الَّتِي لَطَالَمَا أَرْعَبَ الْفِرْعَوْنُ الْأَمِيرَكِيُّ بِهَا الْعَالَمَ وَأَخَافَهُ. فَعَجَزَتْ عَنْ تَحْقِيقِ أَهْدَافِ الْحَمْلَةِ: بِكَسْرِ الْإِرَادَةِ الْيَمَنِيَّةِ، وَثَنْيِ الْيَمَنِ عَنْ مَوْقِفِهِ الثَّابِتِ وَالْمَبْدَئِيِّ الدِّينِيِّ وَالْأَخْلَاقِيِّ وَالْإِنْسَانِيِّ، الدَّاعِمِ وَالنَّاصِرِ لِمَظْلُومِيَّةِ غَزَّةَ؛ لِإِجْبَارِ الْمُحْتَلِّ عَلَى التَّوَقُّفِ عَنْ جَرَائِمِهِ الْبَشِعَةِ وَانْتِهَاكَاتِهِ الصَّارِخَةِ وَحِصَارِهِ الْخَانِقِ بِحَقِّ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ فِي غَزَّةَ. نَاهِيكَ عَنِ الْفَشَلِ الذَّرِيعِ فِي تَدْمِيرِ الْقُدُرَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ الصَّارُوخِيَّةِ وَالطَّيْرَانِ الْمُسَيَّرِ الْجَوِّيِّ وَالْبَحْرِيِّ وَالْبَرِّيِّ.

وَمُرَارَةُ الْهَزِيمَةِ النَّكْرَاءِ الَّتِي تَلَقَّتْهَا الْقُوَّاتُ الْأَمِيرِكِيَّةُ، وَبَاتَتْ تَتَكَشَّفُ يَوْمًا عَنْ يَوْمٍ، بِاعْتِرَافِ نَائِبِ الرَّئِيسِ الْأَمِيرَكِيِّ “جِي. دِي. فَانْس” بِقَوْلِهِ: «عَصْرُ الْهَيْمَنَةِ الْأَمِيرِكِيَّةِ عَلَى الْبَحْرِ وَالْجَوِّ وَالْفَضَاءِ انْتَهَىٰ، وَعَلَى الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ وَجَيْشِهَا أَنْ يَتَكَيَّفَا».

 

وَمَا كَانَ الْعُدْوَانُ الْأَمِيرِكِيُّ عَلَىٰ بَلَدِنَا لِيَتَوَقَّفَ، لَوْلَا الِانْتِكَاسَاتُ وَالْإِخْفَاقَاتُ الْمُتَتَالِيَةُ الَّتِي أَوْرَثَتِ الْفِرْعَوْنَ الْأَمِيرَكِيَّ بِجَيْشِهِ وَتَكْتِيكَاتِهِ وَتُرْسَانَةِ أَسْلِحَتِهِ الْمُتَطَوِّرَةِ وَالْفَتَّاكَةِ هَـٰذَا الْعَجْزَ الْكَامِلَ وَالْفَشَلَ الذَّرِيعَ، أَمَامَ الْبَأْسِ الْيَمَانِيِّ الشَّدِيدِ، الَّذِي يَحْظَىٰ بِالتَّأْيِيدِ وَالدَّعْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالتَّدَخُّلِ الْإِلَهِيِّ اللَّامُحْدُودِ، لِأَوْلِيَائِهِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الْمُؤْمِنِينَ بِعَدَالَةِ الْقَضِيَّةِ الَّتِي يَنْتَصِرُونَ لَهَا؛ مُسْتَمِدِّينَ قُوَّتَهُمُ الْمُرْعِبَةَ لِعَدُوِّ اللَّهِ وَعَدُوِّهِمْ مِنْ قُوَّةِ اللَّهِ، الَّذِي تَكَفَّلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ بِإِمْدَادِ جُنُودِهِ بِمَلَائِكَتِهِ، وَإِلْقَاءِ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِ الْأَعْدَاءِ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ:

> ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الْفَتْحِ: ٤]

وَقَوْلِهِ تَعَالَىٰ: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ [الْأَنْفَالِ: ١٢]

 

وَبِذَٰلِكَ الرُّعْبِ وَالْخَوْفِ اعْتَرَفَ قَادَةُ الْعَدُوِّ، وَعَبَّرَ عَنْهُ قَائِدُ الْمُدَمِّرَةِ الْأَمِيرِكِيَّةِ “ستوكديل” لِمَوْقِعِ «بِيزْنِسْ إِنْسَايْدَر» بِالْقَوْلِ: «قَلْبِي كَانَ يَخْفِقُ بِسُرْعَةٍ عِنْدَمَا تَعَرَّضَتْ سَفِينَتِي الْحَرْبِيَّةُ لِنِيرَانِ الْحُوثِيِّينَ لِلْمَرَّةِ الْأُولَىٰ».

فَضْلًا عَنِ الْعَجْزِ الَّذِي كَشَفَتْهُ «نَاشُونَال إنْتَرِسْت» الْأَمِيرِكِيَّةُ: «مَثَّلَتِ الْمَهَمَّةَ فِي الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ ضِدَّ الْحُوثِيِّينَ أَعْنَفَ عَمَلِيَّةٍ قِتَالِيَّةٍ لِلْبَحْرِيَّةِ الْأَمِيرِكِيَّةِ مُنْذَ الْحَرْبِ الْعَالَمِيَّةِ الثَّانِيَةِ».

 

لَقَدْ كَانَ لِعَمَلِيَّاتِ الْقُوَّاتِ الْمُسَلَّحَةِ الْيَمَنِيَّةِ الْبَحْرِيَّةِ، الَّتِي نَالَتْ مِنْ بَحْرِيَّةِ الْعَدُوِّ وَحَامِلَةِ الطَّائِرَاتِ «تْرُومَانَ»، مِنَ الْبَأْسِ الشَّدِيدِ، مَا جَعَلَ مِنَ الْحَامِلَةِ صَيْدًا سَهْلًا وَفَرِيسَةً لِلصَّوَارِيخِ وَالْمُسَيَّرَاتِ الْيَمَنِيَّةِ. اضْطُرَّتِ الْحَامِلَةُ أَنْ تَلُوذَ بِالْفِرَارِ خَوْفًا وَرُعْبًا وَفَزَعًا مِنَ الضَّرَبَاتِ الْمُسَدَّدَةِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ.

بَلْ بَلَغَ بِهَا الْحَالُ لِلْقِيَامِ بِالِانْعِطَافَةِ الشَّهِيرَةِ الَّتِي تَسَبَّبَتْ بِانْزِلَاقِ وَسُقُوطِ طَائِرَاتِ الْإِف-١٨َ مِنْ سَطْحِهَا فِي الْبَحْرِ. فَقَالَ أَحَدُ الْمُجَاهِدِينَ وَاصِفًا تِلْكَ الِانْعِطَافَةَ: «إِنَّهَا عَطْفَةُ الْقَرْنِ».

إِنَّهُ التَّوْصِيفُ الْمُنَاسِبُ وَالْأَكْثَرُ دِقَّةً، بِمَا يَحْمِلُ مِنَ الْمَعَانِي وَالْأَبْعَادِ الِاسْتِرَاتِيجِيَّةِ الَّتِي سَتَمْتَدُّ تَأْثِيرَاتُهَا مُسْتَقْبَلًا، وَسَتَصْنَعُ التَّحَوُّلَاتِ لِلْقَرْنِ الْقَادِمِ!

وَإِنَّهَا لَعَطْفَةٌ تَأْرِيخِيَّةٌ لِقُوَى الْهَيْمَنَةِ وَالِاسْتِكْبَارِ نَحْوَ الزَّوَالِ وَالِانْدِثَارِ، وَتَمَثِّلُ بِدَايَةَ النِّهَايَةِ لِلْفِرْعَوْنِ الْأَمِيرَكِيِّ، وَأُفُولَ نَجْمِ أَمِيرْكَا إِلَى الْأَبَدِ، وَظُهُورَ الْيَمَنِ كَقُوَّةٍ عَالَمِيَّةٍ فَاعِلَةٍ وَمُؤَثِّرَةٍ، قُوَّةٍ مُقْتَدِرَةٍ عَلَى حَمْلِ مَشْرُوعِ الْهِدَايَةِ وَالْحَقِّ لِلْعَالَمِ أَجْمَعَ، وَالْإِطَاحَةِ بِقُوَى الْهَيْمَنَةِ وَالِاسْتِكْبَارِ الْعَالَمِيِّ؛ تَنْهَضُ بِمَسْؤُولِيَّاتِهَا الْإِيمَانِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِيَّةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ، لِتَمْلَأَ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا.

 

وَعَلَى كِيَانِ الْعَدُوِّ الصِّهْيَوْنِيِّ الْغَاصِبِ أَنْ يَأْخُذَ الْعِبْرَةَ مِنْ فَشَلِ وَهَزِيمَةِ الْفِرْعَوْنِ الْأَمِيرَكِيِّ، وَالنَّصْرِ الْإِلَهِيِّ الْعَظِيمِ لِلْيَمَنِ. وَلْيَأْخُذْ تَحْذِيرَاتِ السَّيِّدِ الْقَائِدِ وَالرَّئِيسِ الْمَشَاطِ مَحْمَلَ الْجِدِّ، وَلْيَعْلَمْ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ نِهَايَتَهُ بَاتَتْ وَشِيكَةً. وَلْيَثِقْ أَنَّ عَمَلِيَّاتِ إِسْنَادِ الْيَمَنِ لِغَزَّةَ آخِذَةٌ بِالتَّطَوُّرِ وَفْقًا لِمَرَاحِلَ تَصْعِيدٍ مَدْرُوسَةٍ وَمَحْسُوبَةٍ بِدِقَّةٍ: فَمِنْ فَرْضِ الْحِصَارِ الْبَحْرِيِّ عَلَىٰ مِينَاءِ «أُمِّ الرَّشْرَاشِ» مِنَ الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ، إِلَىٰ فَرْضِ الْحِصَارِ الْجَوِّيِّ فِي مَطَارِ «اللُّدِّ» (بِنْ غُورْيُون)، ثُمَّ وَصُولًا إِلَىٰ فَرْضِ الْحِصَارِ الْبَحْرِيِّ عَلَىٰ مِينَاءِ «حَيْفَا».

وَالْقَادِمُ أَعْظَمُ وَأَشَدُّ وَأَنْكَىٰ عَلَيْهِ. فَكُلُّ الْخِيَارَاتِ مَطْرُوحَةٌ، بِمَا فِي ذَٰلِكَ الزَّحْفُ الْبَرِّيُّ، الَّذِي يَحْتَمِلُهُ عَلَيْنَا تَعَجْرُفُ وَعِنَادُ وَإِصْرَارُ الْعَدُوِّ الصِّهْيَوْنِيِّ عَلَىٰ حَرْبِ الْإِبَادَةِ الْجَمَاعِيَّةِ فِي غَزَّةَ. وَالَّذِي يُعَدُّ مُؤَشِّرًا إِيجَابِيًّا لِلنِّهَايَةِ الْحَتْمِيَّةِ لِلْكِيَانِ اللَّقِيطِ.

 

إِنَّ الْيَمَنَ، وَهُوَ يَنْطَلِقُ مِنْ حَقِيقَةٍ أَنَّهُ «لَا يَنْصُرُ غَزَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يَخْذُلُهَا إِلَّا مُنَافِقٌ»، لَنْ يَتَخَلَّىٰ عَنْ وَاجِبِ الدَّعْمِ وَالْإِسْنَادِ لِغَزَّةَ وَالْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ، حَتَّىٰ زَوَالِ الْمُحْتَلِّ الْمُجْرِمِ مِنَ الْوُجُودِ.

وَإِنَّ نَصْرَ اللَّهِ لَآتٍ لَا مَحَالَةَ.

 

**وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.**

ــــــــــــــــــــ

 

*اللهُ أَكْبَرُ*

*الْمَوْتُ لِأَمْرِيكَا*

*الْمَوْتُ لِإِسْرَائِيلَ*

*اللَّعْنَةُ عَلَى الْيَهُودِ*

*النَّصْرُ لِلْإِسْلَامِ*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى