(تنومة)… الجُرحُ الغائر، والإجرامُ المتجذّرُ عبرَ التاريخِ.
بقلم _ طوفانُ الجنيد
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، قاصمِ الظالمين، ووليِّ المتقين، القائلِ:
﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاءُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمدٍ خاتمِ المرسلين، والنورِ المبين، القائلِ:
“حجّوا قبل أن لا تحجّوا”،
والقائلِ صلواتُ اللهِ عليه وآلهِ الطاهرين:
“لهدمُ الكعبةِ حجرًا حجرًا أهونُ عندَ الله من إراقةِ دمِ مسلم”.
ماذا عسانا أن نقول؟ وبأيّ لغةٍ نتحدّث؟ وأيُّ الحروفِ تسعفنا في الكتابةِ عن حادثةٍ أليمةٍ وجريمةٍ بشعةٍ وقعت في حقبةٍ معينةٍ من الزمن؟ في عام 1923م، بحقّ الحجاج اليمنيين العزّل، في منطقة تنومة، وادي عسير، بين المملكة السعودية واليمن، تلك البقعة التي شهدت الجريمة النكراء بحقّ قافلةٍ مكوّنة من ثلاثةِ آلافِ حاجٍّ يمنيٍّ أعزل، آمنين، قاصدين بيتَ اللهِ الحرام لأداءِ فريضةِ الحج.
ذلك العملُ الفظيع، الغادر، والخيانةُ الكبرى، والعارُ الأسود الذي ارتكبه حرسُ الحدودِ السعودي، حين سفكوا دماءً طاهرةً محرّمةً في الشهرِ الحرام، وقربَ بيتِ اللهِ الحرام، وأبادوهم عن بكرةِ أبيهم، ولم ينجُ منهم إلا القليل! ونهبوا قافلتهم في وحشيةٍ لا يماثلها إلا ما يقوم به الصهاينةُ اليوم من إبادةٍ لأبناء غزة، بل وتفوقها.
هذه الجريمةُ… الجُرحُ الذي لا يندمل، يتجدّدُ ألمُه في كلِّ شهرِ ذي الحجة، ومع كلِّ صدٍّ لنا، وباقي الأمة الإسلامية، عن المسجد الحرام، وفرضِ العراقيل والعقبات والشروطِ المجحفة من قِبل النظام السعودي الذي يدّعي زورًا وبهتانًا خدمةَ بيتِ اللهِ الحرام وضيوفِ الرحمن!
وليس ذلك بغريبٍ على هذا النظام؛ فالإجرامُ فيه متأصّلٌ ومتجذّر، وهويةٌ مطبوعة.
وهذا ما لمسناه نحنُ كيمنيين طيلةَ سبعةِ عقودٍ من الزمن، من الحقدِ الدفين الذي يُكنّه هذا النظامُ لنا، ولا يسعُنا هنا أن نسردَ بعضَه، وسنكتفي بالإشارة إلى العدوانِ الغاشم الذي شُنَّ على اليمن في عام 2015م، في تحالفٍ إجراميٍّ ضمّ أكثرَ من عشرينَ دولة، وبمشاركةٍ فاعلةٍ من العدوِّ الصهيونيّ والأمريكي، وبقيادةِ الجارةِ السعودية، لعشرِ سنواتٍ متواصلة، ولا يزالُ مستمرًّا حتى اليوم!
إنه النظامُ الذي أنشأته القوى الاستعمارية البريطانية والأمريكية ليكون خنجرًا مسمومًا في خاصرةِ العرب، ومعولَ هدمٍ لكلِّ المقدسات الإسلامية، وكلِّ معاني وقيمِ الدينِ الإسلاميّ الحنيف.
وما حدث من إجرامٍ وإبادةٍ وتدميرٍ في اليمن، نراه اليوم يحدث في غزة على مرأى ومسمعٍ من العالم، وسطَ تآمرٍ وتخاذلٍ ومشاركةٍ من الأنظمة المتصهينة الفاسدة، أدواتِ المجرمين، وأحذيةِ الهيمنةِ والاستكبارِ الأمريكيّ، والإرهابِ العالمي.
ولكن… للهِ رجالُه.
رجالٌ أحرارٌ مقاومون، في غزة، واليمن، والعراق، وجنوبِ لبنان، وجمهوريةِ إيران الإسلامية… حماةُ دينه، ونُصرةٌ لعباده المستضعفين، وحجرةٌ عاثرةٌ في طريقِ الإرهاب والاستعمار والهيمنة، أمامَ الشيطانِ الأكبر، والغُدّةِ السرطانيةِ الصهيونية، ومَن والاهم من أعرابِ النفاق.
ولكم في رجالِ اليمن، ومقاومتِه، ومساندتِه لإخوانه الفلسطينيين، ونصرته للقضيةِ الأساسية والمركزية للأمة الإسلامية، وما لاقاه المجرمونُ من شدّة بأسه، وقوّةِ إيمانه، وصلابةِ موقفه، خيرُ دليلٍ على الموقفِ الصادق.
﴿وَسَيَعْلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾
﴿وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
#ثابتون_صامدون_حتى_النصر_والتحرير_لكل_المقدسات