بالفيديو “18 ساعة من الألم”: البريطانيون يقرأون أسماء أطفال غزة أمام البرلمان
كنوز ميديا // لندن – تقرير خاص
في مشهد يُعد من أكثر الوقفات التضامنية تعبيرًا عن الألم الإنساني، احتشد مئات المواطنين البريطانيين والنشطاء والمتضامنين أمام مبنى البرلمان في ويستمنستر، وسط العاصمة لندن، حيث شرعوا بقراءة أسماء 15,613 طفلًا فلسطينيًا استُشهدوا في قطاع غزة منذ بدء الحرب الإسرائيلية في أكتوبر 2023، وحتى نهاية مايو 2025.
استمرت القراءة أكثر من 18 ساعة متواصلة، في فعالية حملت عنوان “لكل طفل اسم”، وانهمرت خلالها دموع الكثيرين ممن وقفوا لساعات تحت سماء لندن الرمادية، فيما وُضعت صور ضحايا صغار وألعاب أطفال على الأرض، في مشهد اختلط فيه الحزن بالغضب.
لكنه أقوى من الخطابات
هذه الفعالية، التي نظمتها مجموعة من منظمات المجتمع المدني البريطانية بالتعاون مع نشطاء حقوقيين، لم تكن مجرد وقفة صامتة، بل مثلت صرخة رمزية قوية في وجه الصمت السياسي، وتساؤلًا عميقًا عن القيم التي تدّعيها الحكومات الغربية.
قالت الناشطة سارة ويلكينز، إحدى المنظمات:
“أردنا أن نقول للعالم إن هؤلاء ليسوا مجرد أرقام. لكل طفل اسم، قصة، حلم قُتل، ضحكة اختنقت تحت الركام. لا يمكن للإنسانية أن تصمت أكثر.”
السياسيون منقسمون، والشعب يزداد وعيًا
تفاوتت ردود الأفعال حول هذه المبادرة. فقد أشادت منظمات حقوقية دولية بالفعل ووصفته بأنه “تجسيد حي للضمير الحي في أوروبا”.
بينما تجنبت شخصيات سياسية بارزة في الحكومة البريطانية التعليق، واكتفت بعض الأطراف ببيانات دبلوماسية باهتة تدعو لـ”وقف التصعيد” دون توجيه أي إدانة واضحة لإسرائيل.
أما حزب العمال المعارض، فقد أصدر بيانًا مقتضبًا قال فيه إنه “يشعر بالأسى لسقوط الضحايا المدنيين من جميع الأطراف”، ما أثار غضب النشطاء الذين رأوه تواطؤًا ناعمًا.
من جهة أخرى، انتشرت صور الوقفة ومقاطع الفيديو بشكل واسع على وسائل التواصل، حيث تداولها نشطاء عرب وأوروبيون، مؤكدين أن “الشعوب تسبق حكوماتها في الضمير”، في حين علّق البعض بالقول:
في لندن تُقرأ أسماء شهداء غزة، وفي بعض عواصمنا تُبرر المجازر.”
أرقام الشهداء تتضخم… والصمت الرسمي مستمر
منذ اندلاع الحرب على غزة، وثّقت تقارير من وزارة الصحة الفلسطينية، ومنظمات دولية مثل أطباء بلا حدود وهيومن رايتس ووتش، مقتل أكثر من 37 ألف فلسطيني، من بينهم أكثر من 15,600 طفل، معظمهم نتيجة القصف الجوي الإسرائيلي المكثف الذي لم يميز بين أهداف عسكرية ومدنية.
تأتي هذه الأرقام في وقت يواجه فيه الاحتلال اتهامات متزايدة بارتكاب جرائم حرب، ورغم ذلك، فإن الدعم السياسي والعسكري من الدول الغربية – وفي مقدمتها بريطانيا والولايات المتحدة – لا يزال مستمرًا، ما جعل المشهد أكثر مأساوية، في نظر كثير من المراقبين.
رأي الشارع البريطاني: غضب من التناقضات
في استطلاع أجرته صحيفة “ذي إندبندنت” الأسبوع الماضي، أظهرت النتائج أن 62% من البريطانيين يعتقدون أن حكومتهم فشلت في اتخاذ موقف إنساني واضح تجاه العدوان على غزة، فيما أعرب كثيرون عن دعمهم المتزايد لحملات المقاطعة ومساءلة المسؤولين عن دعم الاحتلال.
وقالت إحدى المشاركات في الوقفة، السيدة إليزابيث (61 عامًا):
“كنت أظن أن حكومتي تقف مع حقوق الإنسان، لكنني الآن أشعر بالخجل. هؤلاء الأطفال الذين قُرئت أسماؤهم اليوم يفضحون صمتنا.”
وقفة بأصوات لا تنكسر
قد لا تُوقف قراءة الأسماء قصف الطائرات، ولا يُعيد صوت الناشطين حياة من غابت وجوههم الصغيرة، لكنّ هذا الفعل الجماهيري يرسل رسالة أخلاقية مدوية في زمن أضحت فيه الدماء مجرد أرقام.
ما حدث في لندن ليس احتجاجًا عاديًا، بل هو مرآة لقيم تتآكل، وضمير يُصر على الحياة، في وجه آلة حرب لا تفرّق بين بيت ولعبة.