كنوز ميديا – متابعة
لم يعد اسم انعام كجه جي مجرد كاتبة عراقية، بل أضحى علامة فارقة في المشهد الروائي العربي. فبعد حصولها على العديد من الجوائز المهمة، وترجمة أعمالها للغات عدة، نلحظ مؤخراً عبر حصيلة دورتها التاسعة عشرة، تمنح جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية جائزة “القصة والرواية والمسرحية” لكجه جي.
لقد نالت كجه جي الفوز بفضل سردياتها التي تحول التوثيق إلى فن أدبي متميز، وتكشف عن تداعيات المنفى والهشاشة النفسية عبر شخصياتها، وتحديداً النسائية، التي تمتلئ بتناقضات الواقع وتحدياته، إذ تقدم كجه جي حكايات المهمشين بمنظور يجدد النقد الثقافي للتاريخ.
هذا التكريم ليس مجرد تتويجٍ لمسار أدبيٍ استثنائيٍ، بل يطرح أسئلة جوهرية أمام القارئ العربي: هل يدفعنا فوز كجه جي، خاصة بعد جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية إلى اكتشاف أو إعادة قراءة أعمالها الروائية؟ وهل يحقق هذا النوع من الجوائز الثقافية الرصينة غاياته في تنشيط المشهد الأدبي وتنقيته من الضجيج؟
مسؤولية الحرف وقيمة الإبداع
ويتساءل الناقد الدكتور سمير الخليل: هل الجوائز تجعل الإبداع متفرداً مثالياً؟ أم أنها تؤشر الطاقة الإبداعية لمبدع ما؟ ويجيب قائلاً: أرى أن كثيراً من الجوائز جعلت من بعض الكتاب كباراً في إبداعهم وهم ليسوا كذلك، لكن مؤسسة عويس مؤسسة ثقافية مرموقة لا تمنح الجوائز اعتباطاً، إنما هي تتعمق في دراسة الجانب الإبداعي عبر خبراء أكفاء يدركون مسؤولية الحرف وقيمة الإبداع، ولهذا حين اختاروا القاصة والروائية انعام كجه جي كانوا موفقين في الاختيار.
ويضيف الخليل أن “انعام كجه جي كاتبة مثابرة وحارسه لإبداعها. وتستحق الجائزة ولعلها ستبدع أكثر، لأنها ترى الجائزة مسؤولية وليس كمثل غيرها”.
ويعتقد الخليل أن هذا الفوز يمثل تقديراً لمسيرة كجه جي الأدبية؛ لأنها قدمت على مدار سنوات أعمالاً روائية غنية وعميقة تناولت قضايا إنسانية واجتماعية وتاريخية معقدة بأسلوب ماتع ورؤية ثاقبة.
ويتابع الناقد أن “هذا الفوز يعد تتويجاً لهذه الإنجازات الباهرة، وأجدها تستحق لعراقيتها النظيفة، وما تنضم عليه رواياتها من بعد وطني وإنساني يحرك الوجدان.. أدبها عراقي أبيض قريب من النفس.. ولا يبتعد عن الحاضر المكلوم بالصدمات كذلك”.
ويقول الخليل: وهذا يعني أن تجربة المرأة في السرد العراقي متمثلة بانعام تقابلها تجربة نازك الملائكة شعرياً، وهذا يحقق الأنساق الثقافية لجانب المرأة، إذ تتجاوز فيه منطق الذكورة الاجتماعي بنسق إبداعي يجعلها تحقق انتصاراً لإنسانية المرأة في نسقها الثقافي.
ويبارك الناقد الدكتور سمير الخليل للروائية انعام كجه جي فوزها، وللمرأة، وللعراق لكونها لم تنس بلدها أبداً، فقد بقيت تعيش مأساته وحضارته، وفقاً لتعبيره.
الأوسمة الثقافيَّة المهمة
يظل العراق النجم الثابت في مجرتها الروائية، من “سواقي القلوب” إلى “النبيذة” مروراً برواية “الحفيدة الأميركية” و”طشاري” حتى ” صيف سويسري”. ترى انعام كجه جي دوماً أن الحنين هو المحرك، فقد شفيت من اشتياق رائحة زهر “الرازقي” أو النوم على السطح بعد عقود في المنفى منذ 1979. فهي تكتب لتوثيق حياة وقيم اندثرت.
من جهته يرى القاص والروائي فراس عبد الحسين أن فوز الروائية العراقية المبدعة انعام كجه جي بجائزة سلطان بن علي، لم يدفعه لقراءة أعمالها، ويقول: لأني قد قرأت بالفعل غالبية أعمالها الثقافية سابقاً.
عبد الحسين الذي يشيد بفوز الروائية انعام كجه جي، يرى أن فوزها هذا سوف يزيد من رصيد البلاد من الأوسمة الثقافية المهمة، ويزيد من إطلاع العالم على الثقافة والأدب العراقي بشكل خاص، والعربي بشكل عام. ويتمنى عبد الحسين التوفيق للروائية العراقية انعام كجه جي، بوصفها مصدر فخر لرجال العراق قبل نسائه.س222