لماذا الخلط بين المقاومة والمغامرة ؟

بقلم _ محمود الهاشمي 

     ٤-٦-٢٠٢٥

 

ليس هنالك من مستعمر (نبيل )واخر (غير نبيل )

فالمستعمرون سواء مهما تغيرت العناوين والاسماء

وقد اختصر الشاعر شوقي

ذلك بهذا البيت

(وللمستعمرين وإٍنْ الانوا

قلوبٌ كالحجارةِ لاترقُّ)

اما حجم الخسائر في صفوف المقاومين للاستعمار فهو الاكثر والافجع منذ بداية التاريخ وحتى يومنا لان المستعمرين يعتبرون كل الشعب المُسْتَعْمر هدفا لاسلحتهم والجميع اعداء دون تفريق بين صغير وكبير وامرأة ومشارك بالمقاومة او (محايد)

ولم تقف المقاومة في حدود المستعمر ومواجهته بل تتعدى الى مقاومة الظلم والظالمين

لان الامة الحية الاصيلة لاتقبل الظلم والظالمين وتراه عارا

فيما تفخر دول ان ارضها لم تطأها ارض المحتل ..

دول عديدة ارادت ان تجعل من استعمارها لدول وشعوب اخرى

(واقع حال )ويجب ان يتم تقبله

باعتبار انها (دول متخلفة )وتحتاج التحضر كما فعلت بريطانيا وفرنسا ودول الغرب عموما مع اغلب دول العالم ففرضت على شعوب الارض اللغة والازياء وبعض العادات الاخرى لكن هذه الشعوب رفضت الاستعمار

وقاتلت بالعصا والقوس والبندقية وبكل ماتيسر

من الاسلحة ،مستخدمين ثروات ارضهم من نبات وماء وحجر وحيوان حتى ان المقاتلين الفيتنامين كانوا يغوصون لعشرات الكيلو مترات بالماء

ويتنفسون بالقصبة ثم يخرجون سكاكينهم ويهاجمون حراس القواعد المستعمرة ويقتلونهم

ويستخدمون اسلحتهم ضدهم ..

الاستعمار الاميركي الفرنسي قتل ثلاثة ملايين مواطن فيتنامي وعلى مدى (٢٥)عاما والشعب الفيتنامي في حال قتال وارهاب وجوع وموت لكنهم انتصروا اخيرا ..

الشعب الجزائري قاتل بكل بسالة وضحى بمليون واكثر

حتى نال التحرر وقد فعلت بهم فرنسا مالم يفعله المغول ..

قبل يومين احد المحللين السياسيين ظهر على قناة العربية محملا (حماس)مسؤولية الهجوم على اسرائيل وكأنّ قتال المستعمر بات (مثلبة )او تورط او مجرد (مغامرة ).

اسرائيل ترى في اي فلسطيني على وجه الارض عدوا وتتمنى قتله لو طالته ولم تفكر لحظة بالتعايش مع الشعب الفلسطيني الذي يعيش التشرد

باصقاع الارض ..

المحلل الضيف من دول الخليج ادمن (الاستعمار )وبات يرى فيه حاميا وواقع حال..

اخر استطلاع للراي اجرته قناة امريكية في السعودية اكد ان جميع الشعب السعودي يكره الاميركان ولايريدون رؤيته في بلادهم وهذا دليل ان الشعوب لايمكن يوما ترى في المستعمرين بكل اشكالهم اصدقاء واحبة.

عندما انطلق الامام الحسين عليه السلام في ثورته ضد الظلم

لامهُ بعض المقربين منه ،ومنهم اخوه (محمد بن الحنفية)كون ليس هنالك من تكافوء بالقوة

وان اهل الكوفة قد يخذلونه ولايقفون معه ،لكنه واصل مسيره الى كربلاء ودخل في معركة غير متكافئة في العدد

والعدة وليس معه سوى (٧٠)مقاتلا بينهم من اسرته .

تمكن الخصوم من قتله وقتل جميع اصحابه وسبيت اسرته

لكن السؤال ؛-هل انتهى الامر الى هذه النهاية المأساوية ؟

الجواب ان (١٢)ثورة تبعت هذه الثورة شعارها (لبيك ياحسين )

وان من خذلوا الامام الحسين ع

يوم كربلاء لم يتأخروا حتى ربطوا

ارجلهم وقاموا الظالمين وسميت معركتهم ب(ثورة التوابين )ومازال الامام الحسين حتى يومنا عنوانا للثورة ضد الظلم والظالمين ويقصد الزوار قبره بالملايين من جميع بقاع الارض ..

اذن عندما تدخل المقاومة في حرب ومعارك يجب ان لاتكون الحسابات بهذه الجردة الدقيقة

بالتكافوء بالسلاح والعدة والعدد ،فالثوار يعتقدون دائما

ان جميع الشعب يقاتل معهم

والطبيعة تقاتل معهم والطيور والحيوانات وحين اسند المستعمرون والعملاء جسد الثائر الافريقي (باتريس لومو مبا )على شجرة من غابات بلاده

اتكأ عليها هادئا واستقبل عشرات الاطلاقات فيما ماتزال هذه الشجرة تزار واما المستعمرون البلجيك فقد فروا تحت ضربات المقاومة ..

الكثير لاموا المجاهد الليبي عمر المختار بسبب قتاله المستعمر الايطالي بعمر تجاوز السبعين عاما لكن شيبته ووقاره اشعل الثورة في نفوس الشعب الليبي

واعدمه المستعمرون وهو بهذا العمر الشريف وهذه اللحية الكثة البيضاء واصعدوه الى المشنقة وهو يهتف الله اكبر

فلقب بشيخ الشهداء، وشيخ المُجاهدين، وأسد الصحراء

فراح شوقي يرثيه

(ركزوا رفاتك بالرمال لواءا

يستنهض الوادي صباح مساءا

يا وَيحَهُم نَصَبوا مَناراً مِن دَمٍ

توحي إِلى جيلِ الغَدِ البَغضاءَا

جُرحٌ يَصيحُ عَلى المَدى وَضَحِيَّةٌ

تَتَلَمَّسُ الحُرِّيَةَ الحَمراءَا

يا أَيُّها السَيفُ المُجَرَّدُ بِالفَلا

يَكسو السُيوفَ عَلى الزَمانِ مَضاءَا)

بهذه الروح والمباديء تنتصر الشعوب وتحرر ارضها وتحتفل سنويا ب(يوم النصر )

اما من يقول بان المقاومة ورطت شعبها ..فالسؤال ؛-من هم هؤلاء المقاومون ومن اين جاؤوا وهل اخفوا اسرهم وحضروا لميدان القتال لوحدهم ؟

ان جميع اسر ابطال المقاومة قاتل ابناؤهم واطفالهم ونساؤهم ، معهم وهذا الامام الحسين حين استصحب معه اسرته الى ميدان المعركة طلب من اسرته خيار المغادرة قائلا

( اني قد أذنتُ لكم ، فانطلقوا جميعاً في حلٍ ليس عليكم حَرجٌ منّي ولا ذمام ، هذا الّليلُ قد غشيكم فاتّخذوه جَمَلا )

لكن اسرته رفضت ان تخرج وقاتلوا معه..

وزعيم حماس اسماعيل هنية معظم اسرته قتلت على يد الصهاينة

في غزة ومازال منهم مرابطا هناك .

المقاومة لاتورط الشعوب في حروب التحرير بل تمنحها شرف

الجهاد والتحرر ورفعة الراس والمجد والسؤدد ،ويكفينا شاهدا اخيرا استشهاد السيد حسن نصر الله على يد الصهاينة

لكنه لم يمت وتقاتل اسرته وشعبه معه الى يومنا هذا ..

نعم ان المقاومة (صعبة )وفيها خسائر ودماء وسبي واعتقالات وسجون وتدهور في الاقتصاد وسبل العيش ولكن باب الحرية لايطرق الا باليد المضرجة بالدماء ..

الصهاينة في ارض فلسطين

مستعمرون لارض غير ارضهم

وجاؤوا من شتات الارض ليفترضوا لهم وطنا على ارضنا

وان قتالهم واجب شرعي وديني ووطني وان الشعب الفلسطيني يقاتلهم منذ عام الاحتلال ١٩٤٨

وقبله وحتى اللحظة دون هوادة

ولايحتاج من ينظّر عليه كبيرا كان او صغيرا ..

الشعب الفلسطيني يقاتل بصبره وشجاعته وان المرأة الفلسطينية هي الاكثر انجابا بالعالم وترى في اي طفل لها مشروع مقاومة ..

اعلام الخليج يريد ان يحول معركة (طوفان الاقصى )فاجعة

ويعرض الجوع والعطش والضحايا بانهم نتيجة خطأ ارتكبته المقاومة .

المقاومة تنتصر اليوم او في الغد وباتت القضية الفلسطينية

عنوانا لاهل الارض اجمع

(ولابد لليل ان ينجلي

ولابد للقيد ان ينكسر

ومن يتهيب صعود الجبال

يعش ابد الدهر بين الحفر )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى