تصعيد اليمن وتوجس إسرائيل
بقلم _ إلهام الأبيض
تتجه الأحداث في المنطقة نحو تصعيد غير مسبوق يحمل في طياته دلالات جيوسياسية عميقة، إذ تتفاقم أزمة الطيران العالمية، وتتصاعد مخاطر المواجهة بين اليمن والكيان الإسرائيلي، في زمن يختلط فيه الواقع بالمراهنة على موازين القوى، والأهم من ذلك، على مفهوم الردع نفسه الذي بدأت مفاعيله تتلاشى بشكل واسع.
فيما يخص أزمة الطيران، تُظهر رفض الشركات العملاقة السفر إلى إسرائيل بعد الهجوم الصاروخي اليمني على مطار “بن غوريون” مدى تغيّر المعادلة بين الدول والجبهة اليمنية مع إسرائيل فهذه الشركات، التي كانت سابقاً تلتزم بسياسات ضبط النفس، أصبحت اليوم تتخذ نهجاً أكثر حذراً، رافضةً المخاطرة والتورط في مناطق النزاع، مما أدى إلى استمرار فوضى المطار وانسحاب العديد من الرحلات، في صورة تعكس تراجع الثقة الدولية في أمن الكيان الإسرائيلي، وتحولاً من نوع جديد في مفهوم المواجهة المفتوحة.
أما من الجانب اليمني، فإن هذا التصعيد يعكس قراراً استراتيجياً واضحاً: اليمن ليست طرفاً سهلاً، وأنه يمتلك من أدوات الردع ما يُكبِّد العدو خسائر فادحة، ويهدد أمنه بشكل مباشر فتصريحات القوات المسلحة اليمنية تؤكد استعداده لمزيد من التصعيد، عبر إطلاق الصواريخ والمسيرات على مدار الساعة، متى ما أراد، بهدف رفع مستوى الحصار وإحداث حالة من الهلع في داخل إسرائيل فهذه القوة العسكرية الصاروخية المدعومة بتخطيط استراتيجي، تُعد رسالة واضحة أن اليمن يمتلك زمام المبادرة، وأنه قادر على فرض معادلة ردع جديدة تخلخل منظومة الأمن الإسرائيلي.
هذا المشهد يتزامن مع حادثة غير مسبوقة تُقلق منظومة الردع الإسرائيلية، فصفارات الإنذار دوت في جميع المستوطنات من القدس إلى حيفا، ومن الجليل إلى الناصرة، وتبعها انفجارات قوية، تذكر بما حدث سابقاً خلال عمليات المقاومة الفلسطينية إلا أن الجديد هنا هو أن مصدر التهديد بدأ يتغيّر، وأن اليمن دخل المعادلة بشكل فاعل وقوي، مهدداً مفهوم الردع القائم منذ عقود.
الأمر الأهم هو أن مفهوم الردع لدى إسرائيل قد سَقط بشكل جلي مع استمرار عمليات اليمن وتوثيقها، على عكس المستهدفات السابقة التي كانت تتركز غالباً على قطاع غزة أو مناطق محدودة واليوم، قدرة اليمن على تخطي أنظمة الدفاع الجوي، واستهداف عمق الأراضي المحتلة، تعطي دلالات مهمة بأن المعركة لم تعد محصورة في إطار الردع التقليدي، بل باتت مواجهة عنوانها التصعيد المباشر، مع قدرات على التفاعل اللحظي، يعجز الاحتلال عن تحديد نقطة انطلاقه أو توقيتها.
هذا الواقع يفرض على المجتمع الإسرائيلي إعادة حساباته، حيث إن استمرار عمليات اليمن يضعف مصداقية منظومة الردع، ويمكن أن يُشجع مقاومات أخرى على التمرد على قواعد اللعبة، خاصة في ظل احتكام اليمن إلى استراتيجيات ردع متطورة، وتسخير قدراته الصاروخية في إطار موازنة القوة.
وفي المقابل، لا تتوقف الأحداث عند حدود التصعيد العسكري فقط، وإنما تمتد لتُظهر أن المنطقة تعيش مرحلة غير مسبوقة، تتسم بالتوتر الشديد، وأن الحدث الأخير بمثابة إنذار مبكر لما يمكن أن تتطور إليه الأوضاع في المستقبل فالتوازنات القديمة بدأت تتغير، وأمام إسرائيل، التي كانت تعتقد أن قدرتها على الردع لا تُقهر، باتت تواجه واقعاً جديداً من الضعف، استغلته المقاومة اليمنية، ورفعت من خلاله نموذجاً للمعركة التي تُغير قواعد اللعبة.
إن التطورات الحالية تدعو إلى فهم أعمق لطبيعة المرحلة، التي تتميز باختفاء قواعد الموازنة الثنائية، وظهور طرف جديد يمتلك أدوات قوة تمكنه من فرض معادلة ردع متجددة فاليمن، ومن خلال صموده وتصديه، يكتب اليوم صفحة جديدة من صفحات المقاومة، تُوضِّح أن عالم التوازنات يتغير، وأن مستقبل المنطقة مفتوح على احتمالات غير محسوبة، تتحدد إما بشجاعة المقاومة وتوحيد الجبهات، أو بالتراجع أمام موازين القوة التي بدأت تتغير بشكل جذري.
#الحملةالدوليةلفك حصار مطارصنعاء
#اتحاد كاتبات اليمن