مجزرة الأحشاء الخاوية

بقلم _ البتول المحطوري

 

في مدينة تنقش ملامحها المآسي، وتُطرز سماؤها بألسنة النيران، تنفتح فصول ذاكرة النزيف، وتنبثق منها مأساة لا تسعها الحروف أو الكلمات وإن اجتمعت، ولا تحتملها القلوب.

غزة تلك الأرض الضيقة على الخريطة، الممتلئة بالعزيمة، الشاهقة بالثبات والاستبسال، كانت شاهدة على واحدة من أبشع فصول هذا العصر: مجزرة الأحشاء الخاوية
مالذي أوصل البشر ليُقتلوا من أجل كسرة خبز؟!
أيُّ كسرة هذه ليدفع ثمنها بالدماء؟!

في شوارع غزة، وزوايا خان يونس، وأطراف جباليا وغيرها من المناطق، خرج الأطفال والنساء والشيوخ بعيون يملاؤها الأمل، وبطون يعتصرها الألم، يبحثون عن مايسد رمقهم ورمق أطفالهم، لم يحملوا سلاحاً، بل صمت الجوع فقط ، فهم يتبعون صوت ندائهم الفطري: الجوع

تتلقفهم رصاصات الغدر من كل مكان، فهم لايسألون عن النوايا، ولا يتريثون أمام الضعفاء؛ فقانونهم لا يحمي أحد غير ذوي الزنانير فقط، ليسقط العشرات من الشهداء كما تتساقط أوراق الخريف بفعل عاصفة لاتحمل الرحمة في طياتها، لتائن الأرض من هول الدماء، وتدمع السماء، ونشيج الكلمات يرتفع من حناجر الأمهات، كأنه أنين صامت يشق طريقة من بين الدمار.

في مجزرة الأحشاء الخاوية، لم يكن الضحايا يحملون رايات الحرب، بل رايات الكرامة، كانوا فقط يُريدون أن تظل أعضائهم حية، ومع ذلك بترت صرخاتهم وامتلأت القبور بأحلام لم تولد بعد، وبأطفال لم يعرفوا طعم الطفولة.

العالم كالعادة، قرأ العنوان ثم قلب الصفحة، لكن لو فهموا لعلموا بأن غزة لاتطوى في الهامش، لغة الرماد الطافي فوق الأرض يُعيد خلق نفسه؛ ليتلو أسماء الشهداء كما تتلو الأم أغنية المساء: حزينة، واثقة بأن الغد سيبنى من بين الركام.

أي زمن هذا الذي يكون الموت هو عقوبة الجائع؟!
أي روح يحملون هؤلاء العرب حتى لاتهتز ضمائرهم ، ولاتتحرك لِإغاثة أهلهم؟!

مجزرة الأحشاء الخاوية ليست حادثة عابرة، بل مرآة دامغة لهذا العصر، وبصمة عار على جبين الإنسانية، ودليل قاطع على أن الخبز حين يُحاصر يتحول إلى معركة دامية، وأن الأسئلة بلا أجوبة تطرح في وجه الضمير العالمي كل يوم، فسلام الله عليكِ يامن حولت الجوع بطولة، والبقاء معجزة، سيكتب التاريخ أنك في ذروة الألم؛ كنت أكرم من قاتليك

#الحملةالدوليةلفك حصار مطارصنعاء
#اتحاد كاتبات اليمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى