يا حُجّاجَ بيتِ الله… أجيبوا داعيَ الله!

بقلم: طوفان الجنيد

 

يا حُجّاجَ بيتِ الله…

يا من شددتم الرحال إلى أمّ القرى،

يا من لبيتم نداء التوحيد، وارتقيتم في مدارج الإيمان إلى مقام “لبيك اللهم لبيك”،

ألا فاعلموا أن في الحج نداءً آخر، نداءً سماويًّا يعلو فوق الطواف والسعي، ويهتف من فوق سبع سموات:

 

﴿وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ﴾

إنه أذانُ البراءة… إعلانٌ إلهيٌّ من فوق صعيدِ الحج الأعظم أن الله ورسوله بريئان من كلِّ شركٍ وطغيان، من كلِّ كفرٍ وعدوان، من كلِّ من حارب الله في أوليائه، وسفك دماء المستضعفين، وتآمر على أولياء الله الصالحين.

 

أجيبوا داعي الله…

نداءٌ يهزّ القلوب ويطرق أسماع المؤمنين:

“أجيبوا داعي الله وآمنوا به، يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم”

فهل إلى الله تُجيبون؟

وهل لدعائه تنصتون؟

أم تُلبّون من لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً؟!

 

الحجُّ ليس طقساً جامداً…

الحجُّ موقف.

الحجُّ رسالة.

الحجُّ عودة إلى الميثاق الأول، إلى صفّ إبراهيم الخليل، يوم أعلن التوحيد في وجه النمرود، ويوم رفع القواعد من البيت على توكل وإخلاص.

في الحج تتجلى البراءة من أعداء الله، كما تتجلى المحبة في الله،

وفيه تُصفّى القلوب وتُمحى الذنوب، وتُكتب المواقفُ التي تميز بين الخيط الأبيض من الأسود، بين الراكعين لله، والمطبعين مع أعدائه.

 

وَأَذَانٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ…

إعلان من الله، وإشهارٌ من رسوله، أن لا صُلح مع الشرك،

ولا سلام مع من يذبحون أطفال غزة،

ولا طواف حول العرش وفي القلب مودةٌ لمن حادّ الله!

 

يا حُجّاجَ بيت الله…

ما قيمة طوافٍ لا يُطهّر القلب من موالاة الظالمين؟

ما جدوى سعيٍ لا يُحرّك خطاكم لنصرة المستضعفين؟

ما معنى “لبيك اللهم لبيك”، إن لم تلبّوا نداء البراءة، وتُعلنوا مع الله وقوفكم مع الحقّ وأهله؟!

 

الإيمان استجابة…

استجابة لدعوة الله، ولأذانه يوم الحج الأكبر.

فإن آمنتم به، ووقفتم مع رسوله، غفر لكم ذنوبكم،

وإن تولّيتم، فأبشروا بعذاب أليم، لا لأن الله يُعذّب ظلماً، بل لأنكم من نفضتم أيديكم من عهده، وتنكّرتم لوصاياه.

 

الحجُّ عبادة، لكنه أيضًا موقفٌ أمميٌّ جامع

يقف فيه المؤمن مع قضايا الأمة،

يتذكّر فيه دماء الشهداء، وصيحات الأسرى، ودموع الثكالى،

ويجدّد فيه ولاءه لله… وعداوته لأعداء الله.

 

يا حُجّاجَ بيت الله…

نحن نُناشد فيكم بصيرة القلب لا مجرّد الخطوة،

نخاطب فيكم محمدًا يوم أعلن البراءة في ذلك الموسم العظيم،

ونخاطب فيكم إبراهيم حين أسكن ذريته عند بيتٍ محرّم، وأوصى أن لا يخافوا إلا الله.

 

اليوم… تتكرر الآية، ويُرفع النداء: “أن الله بريء من المشركين ورسوله…”

فكونوا أنصار الله، كما قال عيسى:

“مَنْ أنصاري إلى الله؟”

وكونوا كما كان اليمنُ حين سمعَ نداء البراءة، فردّد بشعارها، ولبّى صيحتها، وسار على دربها.

 

🔹 ختامًا…

يا حُجّاجَ بيتِ الله…

لبّوا نداء الحق، لا نداء البروتوكولات،

واذكروا أن الحج ليس لمن وصل إلى الكعبة بجسده، بل لمن وصل إلى الله بروحه وموقفه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى