سوريا والمستقبل المجهول..!
بقلم _ د. مالك العظماوي
من الأمور التي تستحق الوقوف عليها ملياً هي مسألة تغيير النظام السياسي الذي حدث في سوريا مؤخراً، بسبب الوضع المعقد والبيئة التي احتضنت هذا التغيير وكيف حصل.
لا غرابة في أن تقام الثورات التي تؤدي في تغيير شكل النظام السياسي الذي يقود أي بلد، فهذه سنة السياسة وهذه سنة السلطة في كل زمان ومكان، لكن الغريب في الأمر الذي حدث في سوريا أن هذا التغيير جاء من إرادة لا تمثل الشعب السوري، ولم يكن السوريون مهيأين يوماً لهكذا تغيير.
فالمعروف عن الشعب السوري بأنه شعب عريق وذو حضارة ويعشق المدنية، وعاش ردحاً من الزمن في تطور حضاري متواصل بغض النظر عن شكل الحكم ونوع السلطان، لكن يبقى السوريون يعشقون الحياة ويحبون الجمال والأدب والشعر والفنون بأنواعها.
فقد قدم السوريون للحضارة سابقاً وحديثاً الشيء الكثير من الثقافة والفنون والآداب وخصوصاً الدمشقيون منهم، فلا زالت تلك الأعمال الفنية والأدبية والفكرية عالقة في ذاكرة المنطقة العربية والإسلامية والدولية، وبرز رجال الفكر والثقافة والعلوم من هذا الشعب المتحضر الذي يعشق العيش والحياة الحرة الكريمة.
وفجأة يتغير النظام وبكبسة زر، وبلا مقدمات، بل وبإرادة خارجية واتفاقات إقليمية، ليلغي كافة مظاهر المدنية والثقافية والاجتماعية والفكرية، ويحل محلها نظام يتزعمه شخص بدأ حياته بالقتل والإرهاب والفكر المتطرف والتكفير لكل من يخالفه بالفكرة والمعتقد. نظام محاط بأيديلوجيات مختلفة تنحدر من مجتمعات شتى، يوحدها الإرهاب والتكفير والتطرف.
نشأ هذا النظام مستنداً على الفكر الوهابي الذي يكفر جميع من يختلف معه بالرؤى والأفكار، من المذهب السني والشيعي على حد سواء، وأوغل في دماء العراقيين، وقتل الآلاف من سكان المناطق الغربية والجنوبية والوسطى في العراق، وكان إرهاباً واضحاً اتفقت على إجرامه جميع الأيديولوجيات الفكرية في الدول الغربية والعربية والإسلامية.
فكان مخططاً له من قبل الدوائر الصهيونية والامبريالية أن يستولي على العراق، وذلك بسبب ما حصل من تغيير شكل النظام حصول بحبوحة من الحرية عاشها العراقيون، لكن العراقيين والسوريين تعاونا وتكاتفا بمحاربة هذا الفكر الإرهابي المتطرف وبمساندة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، واستطاعوا من دحر فلول هذه المجاميع المتطرفة التي جاءت من بقاع شتى من العالم.
وتلك المواقف البطولية لأبناء الرافدين كانت مصدر إزعاج وقلق للدوائر التي خططت لاحتلال العراق، فساعدت وبوتيرة أقوى في مساعدة التطرف في الاستيلاء على سوريا، وكاد هذا المخطط ليفشل ثانية على يد السوريين واخوتهم العراقيين ودعم ومساندة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لكن المؤتمرات الدولية حالت دون ذلك، وتحقق لهم ما أرادوا.
واليوم، وبعد استيلاء هؤلاء المتطرفون والارهابيون على السلطة في دمشق، هل يستسلم الشعب السوري الأبي لهذا النوع من المتسلطين على رقابهم من الاستمرار في التحكم بهم، أم لهم كلمة اخرى كما فعلوا مع الإحتلال الاستعماري سابقاً ولم يناموا على الضيم ويستسلموا للأمر الواقع؟
أ لهم كلمة الفصل في المستقبل القريب؟ أم أن الانتظار سيطول.