سلسلة مقالات غرب اسيا (اليمن)حلقة ٥٨

كنوز ميديا _ متابعة

مأرب.. اشتباكات عنيفة مفاجئة.. دوافعها ومآلاتها

❖ تصعيد ميداني مفاجئ

في تطور مفاجئ، شهدت محافظة مأرب، شرقي اليمن، اندلاع اشتباكات مسلحة عنيفة في مديرية وادي عبيدة بين قوات أمن الطرقات الموالية لحزب الإصلاح، التي تتبع حكومة مجلس القيادة الرئاسي، ومسلحين من قبائل مأرب، وتحديدًا من قبيلة عبيدة.

أسفرت المواجهات عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، وتسببت في نزوح عدد من العائلات من مناطق الضمين والراكة، إضافة إلى تدمير ممتلكات خاصة وإحراق مركبات، وسط عجز واضح عن احتواء التوتر.

ترافق التصعيد مع قطع الطريق الدولي الرابط بين مأرب وحضرموت، مما أدى إلى شلل شبه كامل في حركة النقل والإمدادات، بما في ذلك شاحنات الوقود وغاز الطهي.

وقد زاد توقيت الاشتباكات، الذي تزامن مع تفاقم أزمة الوقود، من الأعباء الإنسانية في المنطقة.

❖ تضارب الروايات وتبادل الاتهامات

سارعت اللجنة الأمنية في محافظة مأرب، التابعة لحكومة مجلس القيادة الرئاسي، إلى تحميل جماعة مرتبطة بحكومة صنعاء المسؤولية، متهمة مجموعة بقيادة عبدالله بن سعيد بن جلال بتنفيذ “أعمال تخريبية وقطع الطريق الدولي”، واعتبرت ذلك تهديدًا مباشرًا للمؤسسات الحكومية.

من جهة أخرى، أفادت مصادر محلية بأن جذور التوتر تعود إلى تصاعد الخلاف بين قبائل عبيدة والقوات الأمنية الموالية لحزب الإصلاح وحكومة مجلس القيادة الرئاسي، ما أدى إلى تفجير الموقف.

وتشير المعلومات إلى تراكم الغضب الشعبي نتيجة قرارات اقتصادية تمس حياة المواطنين، أبرزها رفع أسعار الوقود، إلى جانب اتهامات بـ”تهميش القبائل” في إدارة موارد المحافظة.

❖ ميدانيًا

أسفرت الاشتباكات عن تفجير أنبوب نفط بين منطقتي ريدان وصافر، كما أُحرقت شاحنة وقود، بالتوازي مع هجمات استهدفت نقاطًا أمنية.

أعلنت المؤسسة العامة للكهرباء لاحقًا عن انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة نتيجة تضرر خطوط نقل الطاقة، قبل أن تتمكن من إعادة الخدمة جزئيًا.

وأصدر بيان عن اللجنة العسكرية والأمنية التابعة لحكومة مجلس القيادة الرئاسي أكد نيتها التعامل بـ”حزم” مع أي محاولة للمساس بمنشآت صافر النفطية، بعد تلويح قبائل محلية باستخدام “وسائل ضغط” ضد الحكومة ما لم تتراجع عن سياساتها الاقتصادية الأخيرة.

❖ أبعاد الصراع

الصراع القائم في مأرب لا يُعد حدثًا منفصلًا، بل يأتي ضمن سياق معقد تتقاطع فيه النفوذ الحزبي، والمصالح القبلية، والتجاذبات بين القوى الإقليمية والمحلية.

تشير التحليلات إلى أن قبيلة عبيدة، باعتبارها مكونًا رئيسيًا في التركيبة الاجتماعية لمأرب، تشعر بتراجع نفوذها أمام التمدد العسكري والسياسي لحزب الإصلاح، ما يجعل هذه الاشتباكات تعبيرًا عن أزمة ثقة أكثر من كونها حادثًا أمنيًا عابرًا.

❖ سيناريوهات مفتوحة

• استمرار فشل حكومة مجلس القيادة الرئاسي في فرض الاستقرار في مأرب، مع سيطرة حزب الإصلاح وتعزيز نفوذه، يمنح القبائل هامشًا أوسع لفرض شروطها السياسية والأمنية.

• عدم صدور موقف رسمي واضح من السلطات المحلية عقب الاشتباكات فُسّر على أنه محاولة لاحتواء الغضب القبلي مؤقتًا، دون معالجة جذرية للأسباب التي أدت إلى التصعيد.

• تشير المعلومات المتداولة إلى وجود نزاع على مناطق تحتوي على خام الحديد الصلب في جبال الثنية، ما يعكس أبعادًا اقتصادية كامنة خلف الصراع.

 

• أي محاولة لحكومة مجلس القيادة الرئاسي للرد ميدانيًا دون تفاهمات مع القبائل قد تؤدي إلى توسيع رقعة المواجهة، بما يهدد استقرار شرق البلاد ويزيد من تعقيد المشهدين الأمني والاقتصادي.

• في ظل غياب توافق بين المكونات والتيارات داخل حكومة مجلس القيادة الرئاسي بشأن إدارة الثروات المحلية، وانفراد حزب الإصلاح بالسيطرة على المنطقة، تظل مأرب عرضة لتجدد النزاعات المسلحة، مما يُضعف الحكومة ويعمق الانقسام الداخلي بين مكوناتها.

 

➢ ختاماً، تُظهر الاشتباكات الأخيرة في مأرب أن المحافظة لا تزال تمثل ساحة صراع مركّبة تتشابك فيها المصالح القبلية، والتوجهات الحزبية، والحسابات الإقليمية.

وبينما يتصاعد التوتر الأمني، يبقى السؤال مطروحًا إلى أين تتجه مأرب؟ وهل ستتمكن القبائل من فرض معادلاتها الخاصة على واقع سياسي وأمني متأزم؟

مركز بدر للدراسات الاستراتيجية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى