مخاطر الجولة الجديدة من اجتماعات مجلس محافظي وكالة الطاقة الدولية

كنوز ميديا – متابعة

سيُقدِّم المدير العام للوكالة، رافائيلو غروسي، تقريرَه الشامل عن تطوّر البرنامج الإيراني، الذي تسرّب جزءٌ منه قبل أيام.

بين التاسع والثالث عشر من حزيران/يونيو الحالي، يُعقد مجلس المحافظين في وكالة الطاقة الدولية واحداً من أهمّ الاجتماعات المتعلقة ببرنامج إيران النووي، وربما الأخطر منذ التوصل إلى اتفاقية فيينا عام 2015، المعروفة بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”.

سيُقدِّم المدير العام للوكالة، رافائيلو غروسي، تقريرَه الشامل عن تطوّر البرنامج الإيراني، الذي تسرّب جزءٌ منه قبل أيام، وسيؤكد فيه من جديد أنّ “إيران لم تلتزم” ببنود اتفاقية فيينا، من ناحية تخصيب اليورانيوم بنسبةٍ أعلى من المسموح بها بحسب الاتفاق، أي فوق 3.67%. وهذا أمرٌ معروف، تُعلن إيران وتُسلِّم الوكالة دوريًا مآلات البرنامج، حتى الكميات المخصَّبة والنِّسَب، وصولًا إلى نسبة الـ60%.

المسألة الثانية، وهي الأخطر على المسار الطويل لهذا الملف، هي الدفع إلى الواجهة باتهامات الوكالة المتكرّرة منذ عام 2019 عن قيام إيران بتجارب نووية ذات طابعٍ عسكري، لم تُعلَن عنها سابقًا، في أربعة مواقع بين عامَي 2002 و2003.

والتذكير بهذا الأمر مجدداً، في هذا الاجتماع المهم لمجلس المحافظين، سيكون له تداعياتٌ خطيرة لسببين: الأول، أنّه الاجتماع ما قبل الأخير لمجلس المحافظين قبل انتهاء مهلة السنوات العشر لاتفاق فيينا، ومع انتهاء هذه الفترة، يحقّ لإيران أن تتحرّر من معظم القيود التي فرضها الاتفاق من ناحية تطوير البرنامج النووي، ولكن مع الاحتفاظ دائماً بسلمية البرنامج تطبيقاً لالتزامات إيران كونها عضواً في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

التقرير الجديد لغروسي يضع في يد الأوروبيين ورقتَين رابحتَين لطلب إعادة فرض العقوبات: الأولى: عدم الالتزام باتفاقية “الضمانات” المرتبطة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فيما يتعلق بالمواقع الأربعة ذات الصلة، على أساس أنّ إيران لا تزال تُخفي عن الوكالة اختبارات نووية عسكرية. والثانية: خرق إيران لاتفاقية “التحقق والرصد” المرتبطة بالسماح لمفتّشي وكالة الطاقة بمراقبة البرنامج الإيراني، والذي أوقفت إيران التعاون معه بشكلٍ جزئي منذ عام 2021.

أين يقع التسييس؟
عندما تتّهم إيران الوكالة الدولية بالتسييس، أو بالوقوع في فخ الضغوطات الغربية، فمردُّ ذلك إلى مسارٍ طويل من التعاون بين الطرفين (في عهد الجمهورية الإسلامية)، بدأ فعلاً عام 1992، عندما سمحت طهران لمفتشي الوكالة بالدخول إلى جميع المواقع النووية، بعد اتهاماتٍ بوجود أنشطة غير معلنة، وأعلنت الوكالة في تقريرها بعد انتهاء عمليات التفتيش “أنّ الأنشطة التي شاهدها المفتشون تتفق مع الاستخدام السلمي للطاقة الذرية”.

المحطة الثانية، والأهم، هي عام 2004، إذ أعلنت وكالة الطاقة الذرية في تقريرٍ لها “أنها لم تجد دليلاً واضحاً على وجود برنامج أسلحة نووية”، علماً بأن الحديث المتجدد عن اختباراتٍ انفجارية في التقارير الصادرة منذ عام 2019 يشير إلى أنها حصلت في الفترة ما بين 2002 و2003.

التجارب العسكرية غابت عن 11 تقريراً
بعد توقيع اتفاق فيينا عام 2015، واستناداً إلى البروتوكول الإضافي، وهو اتفاقٌ حصل مع إيران عام 1997 وتم تجديده في الاتفاق المذكور، الذي يمنح الوكالة حق الدخول إلى أي موقع نووي إيراني وبشكلٍ مفاجئ، أجرت الوكالة بين عامَي 2015 و2019 عشرات الزيارات، وأعدّت 11 تقريراً شاملاً وموسّعاً، وكانت كل هذه التقارير تشير فعلاً إلى “التزام إيران بكافة تعهّداتها” بموجب الاتفاق والقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2016.

التيئيس أو الضغوطات الأوروبية تكمن في هذه الزاوية تحديدًا:
فإذا كانت إيران قد أجرت فعلاً تجارب عسكرية لبرنامجها عام 2002/2003، فلماذا أقرّ تقرير الوكالة الصادر عام 2004 عدم وجود أي دليل على ذلك؟ والسؤال الآخر: عن التقارير الـ11 التي أعدّها مفتشّو الوكالة عندما كانت لهم الحرية المطلقة لزيارة منسّقة أو مفاجئة لأيّ من مواقع إيران النووية، فلماذا لم يتمّ ذِكر أي معلومة أو إشارة عن التجارب النووية العسكرية التي حصلت عامَي 2002 و2003 بحسب آخر تقريرٍ للوكالة؟

إيران أمام خيار التصعيد
كان يمكن لإيران ألّا تعير الكثير من الاهتمام لتقارير الوكالة ولا للضغوط الأوروبية، فالكلّ يعلم أنّ الولايات المتحدة هي من لها الكلمة الفصل في هذا الملف، وأنّ التصعيد الأوروبي يتوقّف عندما تصل الأمور إلى خواتيمها مع طهران، وهذا ما حصل فعلاً عام 2015، عندما انقلب لوران فابيوس، وزير خارجية فرنسا في حينه، على مواقفه الأكثر تشدداً من بين الدول الغربية، والتزم لغة المهادنة بعد توصل طهران وواشنطن (أوباما) إلى الاتفاق.

لكنّ إيران تبدو اليوم وكأنها دخلت في مسارٍ تصعيدي في مواجهة ما يجري وما سيجري خلال الأسبوع المقبل في فيينا. قبل 3 أيام من بدء اجتماع مجلس المحافظين، كتب عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيرانية، على حسابه في منصة “إكس”: “بينما تفكّر أوروبا في خطأ استراتيجي كبير، سترد إيران بقوة ضد أيّ انتهاكٍ لحقوقها، ويقع اللوم فقط وبشكلٍ كامل على الجهات الفاعلة غير المسؤولة التي لا تتوقف عند أيّ شيء للحصول على أهمية”.

التصعيد الإيراني يأتي على خلفية شعورٍ بأن المفاوضات مع الجانب الأميركي دخلت مرحلة عدم اليقين، في ظلّ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تبنّي مواقفَ مطالب مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي في ولايته الأولى، وجون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي عامَي 2018 و2019، بعدم “السماح لإيران بأيّ تخصيبٍ لليورانيوم على أراضيها”، علماً أن المفاوضات الجديدة، غير المباشرة بين الطرفين، انطلقت على خلفية موقف أميركي بخطٍّ أحمر واحد مقبول إيرانياً: عدم امتلاك إيران أسلحة نووية. ع666

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى