قافلة الصمود على الطريق: صرخة الشعوب ضد الإبادة في غزة

كنوز ميديا – متابعة

قافلة الصمود المغاربية تنطلق من تونس باتجاه غزة، بمشاركة شعبية من خمس دول مغاربية، تعبيراً عن موقف إنساني رافض للحصار والإبادة.

حين يُمحى وجه طفل من تحت الأنقاض، ولا يهتزّ للعالم رمش، لا يبقى أمام الشعوب إلا أن تمشي حفاة على طريق الكرامة. ومن تونس، خرجوا لا يحملون سلاحاً ولا شعارات حزبية، بل صرخة واحدة في وجه الصمت: “غزة لستِ وحدك”.

في صباح 9 حزيران/يونيو 2025، انطلقت قافلة الصمود المغاربية من العاصمة التونسية، قافلة مدنية شعبية ستحاول عبور الأراضي الليبية والمصرية، وصولًا إلى معبر رفح، في رسالة رمزية لكسر الحصار وتجديد الموقف الأخلاقي تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة ممنهجة.

هي لحظة فارقة تختبر فيها الشعوب قدرتها على كسر جدار اللامبالاة. هذه ليست قافلة مساعدات تقليدية فحسب، بل قافلة مواقف، لا تحمل سوى وجع الشعوب وإصرارها على ألا تتحوّل الإبادة إلى روتين عابر في نشرات الأخبار.

من تونس والجزائر إلى غزة: درب واحد للكرامة

بأكثر من ألفي مشارك من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وليبيا، وحّد “الائتلاف المغاربي لنصرة فلسطين” و”تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين” صفوفهم لإطلاق هذه القافلة، التي تمثّل موقفاً شعبياً غير قابل للمساومة، ورسالة بأن الشعوب لم تسكت، ولن تسكت.

ولم تخلُ القافلة من مشاركة رمزية لأطباء ومحامين وطلبة جامعيين ونشطاء مستقلين، من دون رايات سياسية أو حزبية، بل بحناجر تهتف باسم غزة، وقلوب مثقلة بالعجز، لكن متمسكة بالأمل.

صباح انطلاق القافلة من تونس، وصلت قافلة جزائرية موازية والتقت بها، قبل أن تتوحّد المسيرة باتجاه معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا، حيث يُنتظر أن تواصل طريقها عبر طرابلس، مصراتة، سرت، بنغازي وطبرق، نحو معبر السلوم المصري، في مسيرة من المتوقع أن تصل إلى مصر ثم رفح بحلول 15 حزيران/يونيو الجاري وسط تحديات أمنية ولوجستية كبيرة

“لا نحمل سلاحاً… نحمل الموقف”

في كل محطة، من العاصمة إلى صفاقس وسوسة، وصولاً إلى الجنوب التونسي اصطفت الحشود على الأرصفة ووسط الطرقات، تلوّح بأعلام فلسطين، وتردّد: “غزة لستِ وحدك”. وفي هذا السياق قالت إحدى المشاركات في القافلة: “نحن لا نحمل سلاحاً، بل نحمل الموقف. والموقف في هذا الزمن أقوى من الرصاص”.

الحدود تختبر الإرادة: القافلة في مواجهة الواقع السياسي

ليست الطريق إلى غزة مفروشة بالشعارات. فالقافلة تمرّ بأراضٍ تعاني من هشاشة سياسية وأمنية، خاصة في ليبيا، حيث لم يصدر إلى غاية مساء أمس أي تصريح رسمي من حكومة طرابلس بشأن السماح للقافلة بالعبور الكامل. وتُجري التنسيقيات اتصالات مع جهات محلية ومنظمات إنسانية دولية لتأمين المسار حتى الحدود المصرية.

في الأثناء، أفادت مصادر قريبة من منظّمي القافلة بأن السلطات المصرية لم تعطِ بعدُ موافقة واضحة على دخول الوفد البشري إلى معبر رفح، لكنها لم ترفضه صراحة. ورغم الغموض، يصرّ المشاركون على المضي قدماً، ولو إلى أقصى نقطة ممكنة، حتى وإن أُجبروا على الاعتصام عند الحدود.

من العالم كلّه.. قوافل تسير رغم القمع

وفي تصريح قال الطبيب التونسي محمد أمين بالنور، رئيس لجنة الأطباء المرافقة للقافلة :” إنّ هذه المسيرة ليست حدثاً محلياً فحسب، بل حلقة من مبادرة عالمية تضمّ أكثر من 30 دولة من أوروبا وأميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا، جميعها تتّجه نحو مصر، في محاولة رمزية لكسر الحصار عن غزة ووقف هذه الحرب الوحشية المتواصلة”.

وهو ما أكده أيضاً وائل نوار، الناطق الرسمي باسم القافلة، الذي أشار إلى أن هذه الرحلة ليست سوى بداية لحراك طويل الأمد، يهدف إلى ربط غزة بالعالم الخارجي عبر “جسر بشري دائم”، ستكون تونس إحدى ركائزه الأساسية.

في الأثناء.. الإبادة مستمرّة

منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ترتكب “إسرائيل”، بدعم أميركي مباشر، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير.

وبحسب تقديرات محلية فلسطينية ، خلّف العدوان أكثر من 181 ألف ضحية بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين، إضافة إلى مجاعة تزهق أرواح كثيرين يومياً، وسط دمار غير مسبوق وصمت دولي مريب.

وهو ما يحتاج اليوم إلى تحرّك كل نفس حر دعماً لغزة، لا بالكلمات فقط، بل بالفعل والوجود والموقف.

على البر والبحر.. الاحتلال يواجه الموقف بالاختطاف

وفي الوقت ذاته الذي انطلقت فيه قافلة الصمود من تونس في اتجاه رفح، تعرّضت سفينة “مادلين”، التي أبحرت من السويد محمّلة بنشطاء دوليين، إلى عملية اختطاف فجراً، الاثنين 9 حزيران/يونيو، من قبل “كوماندوز” تابع للبحرية الإسرائيلية، رغم أنها لم تكن تحمل أي تهديد، بل مساعدات رمزية وموقفاً إنسانياً فقط.

وأفادت منظمة “فري غزة” بأنّ “الجيش” الإسرائيلي اقتحم السفينة في المياه الدولية واحتجز طاقمها، في عملية تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وحرية الملاحة. لتُظهر حادثة السفينة أن موقفاً إنسانياً صار عبئاً في عيون الاحتلال، وأن كل مبادرة شعبية لكسر الحصار، سواء براً أو بحراً، أصبحت هدفاً للقمع.

صرخة الشعوب لا تُختطف

رغم العتمة، تسير القافلة، رغم الحصار، تخرج الشعوب عن صمتها، ورغم وحشية الآلة العسكرية، يعلو الهتاف.
قافلة الصمود هي صرخة ضد الخذلان، وهي جزء من حراك إنساني أشمل يُعيد تذكير العالم بأن غزة ليست وحدها، وأن القضية لا تموت ما دام في الحناجر صوت، وفي القلوب نبض.

حين يصبح الطريق إلى غزة درباً للكرامة

من تونس إلى رفح، تشق القافلة طريقها، تتحدّى الحدود والجغرافيا واليأس، تسير ببطء… لكن بثبات وفي دروب الكرامة، حيث تسير القوافل على أقدام الأمل، تنبعث الحياة من بين الركام، وتصرخ الشعوب بأسماء أطفالٍ ماتوا قبل أن يعرفوا الأرض. فغزة ليست وحدها طالما في العروق نبض، وفي القلوب ثورة، وفي الحناجر صوت لا ينكسر.ع666

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى