حرب بلا مدافع ..
بقلم _ حسن كريم الراضي
نعم أنها معركة وقد تكون أشرس من معارك الجيوش المتقاتلة ولكنها بلا أسلحة رشاشة ولا طائرات ولا مدافع . ميدانها قلوب الجماهير وأدواتها تعتمد على قدرة القوى السياسية المتصارعة على أقناع هذه الجماهير بوعودها بتوزيع عادل للثروات وتقديم الوظائف والخدمات .. واحتدامها هذه المرة له دوافع واسباب . فالعرب السنة يعتقدون أن الوقت حان للعودة للحكم بعدما تمكنوا بوسائل متعددة أهمها الماكينة الاعلامية الضخمة المحلية والعربية من تشويه التجربة الشيعية بالحكم واظهارها بمظهر الساذجة الغير قادرة على إدارة البلدان . وكذلك من خلال إشاعة جو من عدم الثقة بين الجمهور الشيعي والاحزاب الشيعية المتصدرة للمشهد السياسي . ويعتقد معظم قادة السنة أن مرحلة التمهيد وتخريب التجربة أنتهت ويجب بدء الهجوم والانقضاض على الحكم وهم يأملون ان الشيعة بحالة من الضعف والوهن بعد نكبات ونكسات تعرضوا لها بدأت بمقتل مقاتل كرمان والمهندس وانتهت بمقتل سيد الجنوب ودرة لبنان ومن ثم سقوط الاسد . ويرون أن هنالك أنكفاء شيعي وظروف دولية مواتية للعودة للحكم من جديد رغم أنهم شركاء ومارسوا أدارة البلاد من مواقع متقدمة ولكنهم لن يهدأوا مالم يكون لهم جولاني يمسك بصولجان الحكم وهم يرضون به وأن كان مرتبطا بمؤوسسات ودوائر صهيونية . . وهذه المرة أتوا بخطة محكمة قد تشكل خطرا حقيقيا على حاكمية المكون الأكبر تتمثل بتحالف كردي سني يتصورون أنه سيقلب الطاولة ويعودون كمكون أكبر بعد أن أقنعوا جناح البرزاني بالعودة لسنيته بدل كرديته مستغلين حالة القلق وعدم الاستقرار بين الحكومات الشيعية المتعاقبة مع حكومة الإقليم .. هذه معركة يعتبرها سنة العراق أنها مصيرية لهم إلا أن بعض قادتهم أخطأ كثيرا عندما افصح عن مكنوناته وفضح بعض تفاصيلها وكما فعل الدهلكي الذي استعجل واعتمد على البينات الأولية عن نسب المحدثين لبيناتهم فاستفز الجمهور الشيعي وبعث فيه صدمة صاعقة دفعته للتحرك وتحديث بياناته بعدما رأى خطر عودة المعادلة الظالمة بات محدقا .. أما المعركة الأخرى فهي ستكون داخل دائرة الأحزاب الشيعية التي بدأت حملاتها الانتخابية مبكرا وللأسف عادت لحرب الملفات والوثائق لتسقيط الشقيق المنافس والتي نالت منها حكومة السوداني القسط الأكبر بعدما قرر الدخول بقائمة مفردة مبتعدا عن الاطار التي بات هشيما تذروه رياح الأماني الحزبية التي تراهن على حجومها غافلة عن أن لا فرصة للفوز ونيل الأغلبية في الوسط الشيعي دون الحصول على أصوات جمهور المنطقة الرمادية والذي يمثل جمهور الأغلبية الصامتة المستقلة والذي سيحدد خياراته وفقا لتلميحات ينتظرها تترشح من زقاق النجف القديم ومعتمدا على نفسه في فهم ذوق السيد المرجع بتحديد الجهة والأشخاص الذين سيدعمهم .. لذلك فأن القوى المتصارعة ستخوض معارك ضارية في ميدان واحد وهو مساحة الأغلبية الصامتة القادرة هي وحدها أن اجتمعت وفهمت إشارات النجف القادرة على تحديد من له الغلبة بالدورة المقبلة خاصة وأن الاستطلاعات تشير إلى أنها سوف لن تحجم عن المشاركة كما في الانتخابات السابقة بعدما ترشح من النجف اشارات تحث على المشاركة وبعد أن استفزت هذه الاغلبية وترى أن عليها أثبات حاكميتها والا فأن العودة للمعادلة الظالمة قد يكون واقعا وأن كان بعيد المنال . فالشعوب التي تذوقت حلاوة الحرية والعدالة النسبية لا يمكن أن ترضى بما هو دونها والتاريخ يشهد بذلك .. فالشيعة والسنة عاشوا بحبوحة من العيش مقارنة بعهود البطش والتعسف ولا ينكر ذلك الا أصحاب الأحلام بعودة الدكتاتورية واقامة حكم جولاني في العراق .. وهم يعلمون استحالة ذلك ولكن من يقنع المجنون بالمنطق ؟؟!!