كنوز ميديا – تقارير
تمرُّ هذه الأيام، الذكرى الحادية عشرة لسقوط الموصل بيد العصابات الإجرامية، إذ ترك هذا الحدث المأساوي، أثراً سلبياً في المدينة، وخلّف مئات الشهداء من أبناء القوات الأمنية وأهالي المحافظة، إضافة الى تهديم البنى التحتية، وتهجير المئات من المواطنين بعد ان غُرر بهم من قبل بعض السياسيين المدفوعين من الخارج، إذ مازالت محافظة نينوى وبقية المحافظات الغربية، تدفع ثمن خيانة السياسيين لغاية يومنا هذا، إذ تعاني تهديم بالبنى التحتية نتيجة لتحولها الى مسرح للعمليات العسكرية.
الموصل التي كانت البوابة لسقوط الكثير من المدن في المحافظات الغربية، احتضنت قبل سقوطها بيد داعش، قيادات كبيرة في التشكيل المجرم، إضافة الى سيطرة سياسيين مشحونين طائفياً على مفاصلها، الأمر الذي أدى الى خلق فجوة كبيرة بين الحكومة المتمثلة بالجيش العراقي وبين المواطنين المدفوعين طائفياً، لتصبح الموصل لاحقاً، حاضنة كبيرة للجماعات الإجرامية والفكر المتطرف.
وبعد سقوطها بيد الإرهاب، تخلّى عنها السياسيون وسلموها على طبق من ذهب لداعش، ولاذوا بالفرار بعد ان قبضوا ثمن خيانتهم، وأصبحت الموصل تحت جحيم الإرهاب، ليواجه أهلها أقسى وأشد حالات التنكيل والإذلال، وتبدأ معها رحلة الدمار والتهديم لمعالم المدينة التأريخية والأثرية، إضافة الى مصادرة أموال مواطنيها وفرض القيود والتعاليم المخالفة للشريعة الاسلامية على أبناء المحافظة، ما جعلهم يفرون خارج المدينة، للخلاص من جحيم الإرهاب، ولولا القوات الأمنية التي استعادت توازنها عبر دفعة معنوية من المرجعية الدينية، لكانت الموصل لغاية يومنا هذا، تحت حكم الإرهاب.
ملف سقوط الموصل بقي مغيباً وضبابياً ولم تكشف الجهات المتسببة به، على الرغم من وجود أدلة تثبت تخابر عائلة النجيفي (أسامة، وأثيل) مع المجاميع الإرهابية، واعتراف الكثير من القادة العسكريين بأن من باع الموصل لتنظيم داعش هو أثيل النجيفي المحافظ في ذلك الوقت، إلا ان هذا الملف تم إغلاقه ولم يكشف عن تفاصيله لغاية يومنا هذا.
وبحسب مصادر سياسية مطلعة، فأن هناك اتفاقيات بين الكتل السياسية على إخفاء ملف سقوط الموصل، والعشائر المشاركة في جريمة سبايكر التي ذهب ضحيتها أكثر من 1700 طالب حسب الأرقام الحكومية، مقابل تنازلات يقدمها السُنة، على اعتبار ان المتسببين بهذه الجرائم هم من السياسيين السُنة، لتبقى هذه الملفات أحد أكبر الملفات غموضاً، على الرغم من مضي سنوات عدة على ارتكابها.
وحول هذا الموضوع، يقول عضو حركة حقوق النيابية صباح العكيلي إن “سقوط الموصل هي مؤامرة داخلية وخارجية لإسقاط العراق، وصفحة سوداء للمتواطئين”.
وأضاف العكيلي: ان “اللجنة التحقيقية بخصوص سقوط الموصل، كشفت عن تورّط شخصيات مثل أثيل النجيفي بسقوط الموصل وغيره من الشخصيات العسكرية التي سمحت للمجاميع الإرهابية للتكتل داخل المحافظة”.
وأشار الى ان “سيناريو سقوط الموصل يدل على ان هناك تواطؤاً داخلياً ودعماً خارجياً، فكيف لجيش كبير مثل الجيش العراقي وبهذه العدة والتسليح، لا يصمد أمام عدد من الإرهابيين؟، فهذا الأمر يضع الكثير من علامات الاستفهام”.
وأوضح العكيلي: ان “سيطرة الجماعات الإجرامية على محافظات عراقية كان درساً لكل العراقيين على وجه العموم، والمحافظات الغربية على وجه الخصوص، لذلك يجب ان لا نسير مجدداً خلف الخطابات الطائفية التي لم تجلب للعراق سوى الويلات والمآسي”.
ومازالت التحديات التي رافقت سقوط الموصل وتداعياتها الأمنية حاضرة، خصوصاً في المناطق الريفية والحدودية، إذ مازالت الخلايا الداعشية تنشط في تلك المناطق، نتيجة وجود حواضن من قبل الأهالي، لكن القوات الأمنية في المقابل تواصل ضرب هذه الخلايا، لتطهير آخر معاقل الإرهاب في المحافظة.
ويوم العاشر من حزيران عام 2014 سقطت الموصل بيد تنظيم داعش الإجرامي، الذي خلّف كوارث إنسانية واجتماعية وأمنية وسياسية، على أهالي ثاني كبرى محافظات العراق، الذين شهدوا أحداثاً مروعة، طالت بقية المناطق التي انسحبت إليها أعمال العنف والتشريد والتقتيل، لكن بفضل فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية العليا، استطاع أبناء العراق من القوات الأمنية والحشد الشعبي، تحرير جميع الأراضي من دنس الإرهاب.س222