أهمية الولاية في الإسلام
بقلم _ عدنان الجنيد
▪ النموذج الأعلى لولاية الله ورسوله والمؤمنين :
ويتضح لنا هذا النموذج بعد عودة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة في يوم الثامن عشر من ذي الحجه ومعه عشرات الالاف من جموع المسلمين حيث وقف في وادي (خٌم) -منطقة بين مكة والمدينة وهي أقرب ما تكون إلى مكة – بعد أن نزل عليه قول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)[ المائدة : 76]
بعد نزول هذه الآية وفي وقت الظهيرة في وقت حرارة الشمس وحرارة الرمضاء أعلن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أمراً لمن تقدم أن يعودوا وانتظر في ذلك المكان حتى تكامل الجمع وبعد ذلك رُصَّت له أقتاب الإبل ليصعد عالياً فوقها لتراه الأمة وتشاهده وهي تعرفه بشخصه لترى علياً ويد رسول الله رافعة ليده وهي تعرف شخص علي ومن فوق تلك الأقتاب يعلن موضوعاً هاماً وقضية هامة وهي قضية ولاية أمر هذه الأمة من بعده صلوات الله عليه وعلى آله.
عندما صعد وبعد أن رفع يد علي – عليه السلام – خطب خطبة عظيمة إلى أن وصل إلى قوله : “أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا عليُّ مولاه اللهمَّ والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ”
إذا رأينا تسلسل هذا الحديث لوجدناه ينسجم انسجاماً كاملاً مع الترتيبات التي أعلن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عنها في أثرها فقد أعطى هذا الأمر الهام موضعه من الأهمية وجمع له الأمة في شدة الرمضاء وبعد حجة الوداع التي حضرها المسلمون من بلدان متعددة ليكون ذلك أبلغ في الحجة وأوضح في وقوع المحجة.
وهذا الحديث – حديث ولاية الإمام علي ـ عليه السلام ـ مروي في جميع كتب الحديث من مختلف طوائف الأمة – سنة وشيعة -فقد جاء بروايات متواترة وأسانيد متظافرة وليس هناك أدنى شك من ثبوته وروايته عن جموع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم فلا مجال للتشكيك به بحال من الأحوال…
إن من المفاهيم التي جاء بها حديث الولاية:
من واقع الحال والظروف المحيطة التي رافقت إعلان الولاية يتبين لنا مدى خطورة ولاية الأمر ومدى تأثيرها بمستقبل الأمة..
ومما يزيد الأمر أهمية أكثر هذا التسلسل العجيب الذي ذكره رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فبدأ بقوله: «إن الله مولاي» أي وأنا المبلغ عنه سبحانه ثم قال: «وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم » ويتابع الأمر على هذا الأسلوب ليبين أنها ولاية ممتدة من عند الله إلى عند رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ولاية مندرجة لا ينفصل بعضها عن بعض ثم يقول: «فمن كنت مولاه» أليس كل مؤمن فينا يعتقد ويؤمن أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ هو مولاه أي مسلم أي أمة أي طائفة سنة أو شيعة لا يخرج عن هذا المبدأ ولا يدين بغير ذلك.. الجميع مقر بأنه مولى المؤمنين ـ صلوات الله عليه وآله وسلم ـ ثم ختمها بقوله:« فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه»
ومما ينبغي أن نعرفه أن الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ـ يوم أشار إلى ” علي ” فإنه في نفس الوقت يشير إلى ولاية أمر الأمة المتجسدة قيمها ومبادئها وأهدافها ومقاصدها في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – عليه السلام – وهو بذلك النموذج الأعلى والأرقى والأجدر الذي على الأمة إذا أرادت عزها ومجدها أن يكون ولاة أمرها في مثل قيم ومبادئ وإيمان وعلم هذا الإمام ـ كرم الله وجهه ـ وإلا تاهت في غيِّها وغابت عن رشدها.