اليمن: حصن العزة والسيادة في زمن التحديات
بقلم _ فتحي الذاري
في قلب المنطقة، يبقى اليمن منذ القدم عنوانًا للكرامة والإباء، وحجر عثرة أمام مشاريع العدوان والتطبيع، يرفض الوصاية، ويقف صامدًا بوجه أكبر التحديات التي فرضتها قوى العدوان السعودية والأمريكية، محققًا بأسلوبه المقاوم ومعادلة إيمانه، أسمى صور الصمود والانتصار
منذ ثورة 21 سبتمبر 2014، أدرك اليمنيون أن معركتهم ليست مجرد صراع عسكري، بل هي معركة سيادية، ودفاع عن حضارتهم، وحقهم المشروع في استعادة سيادتهم واستقلالهم، بعيدًا عن النفوذ الخارجي والتبعية. بقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله ورعاه، استطاع الشعب اليمني أن يواجه أكبر التحديات، من عدوان جوي وبحري وبري، والحصار الاقتصادي، وكل محاولات فرض الوصاية على الثروات والمقدرات الوطنية.
لقد أثبتت القيادة والشعب أن السيادة ليست مجرد شعار، وإنما هي حضور حقيقي على الأرض، وإدارة مستقلة لمناطقهم، وتحقيق إنجازات نوعية في إطار استراتيجية سيادية، تتعمد على القوة والوعي، والمنهجية الإيمانية التي تعكس القيم الثقافية والوطني
السؤال الذي يطرحه الكثيرون: هل الزمن الحالي هو زمن القوة الحوثية؟ تأتي الإجابة أن اليمن، وليس مجرد قوة عسكرية قائمة على استعراض القوة، بل هو شعبٌ يمتلك إرادة ومشروعًا وطنيًا، فرضت ظروف العدوان والحصار والحصار الاقتصادي عليه، أن يتكيّف ويطور أدواته لمواجهة التحديات.
فاليمن ليس مجرد ساحة مواجهة، بل هو نموذج في الصمود، يُدرك أن المعركة ليست من أجل السيطرة أو التوسع، بل من أجل الحفاظ على السيادة، وحقوق الشعب المشروعة، واسترداد الأراضي المحتلة، وقد أثبتت السيطرة على صنعاء ومعظم مناطق الشمال منذ عام 2014، أن الشعب اليمني يمتلك إرادة حية، وقائدًا وطنيًا غيورًا على سيادته، قادرًا على إدارة بلاده وتحقيق المكاسب عبر استراتيجية واضحة، ترسخ الهوية الوطنية، وتعمل على تعزيزها باستمرار.
وتؤمن القيادة اليمنية بأن النصر هو ثمرة صمود الشعب، وانتمائه الإيماني، وأن هذا الذي يُسمى “قوة الحوثي” هو انعكاس لواقع يمانيين أصيلين، شعبًا له تاريخه ومكانته، وليس قوة استعراضية أو إرهابًا، وإنما هو رد فعل حضاري وسيادي على محاولات طمس هويته واستعبادة
ما دعى اليمن لمواجهة العدوان هو ضرورة الحفاظ على السيادة والاستقلال، وليس طمعًا في المكاسب المادية، لكون أن الشعب اليمني يمتلك ثروات كبيرة، ولكنها تُسلب وتنهب، وتُستخدم كأداة لتدميره، وما التحديات الاقتصادية والمعيشية إلا نتائج مباشرة لسياسات العدوان والتآمر.
وفي سياق ذلك، يأتي دعم المقاومة الفلسطينية، وتأكيد الحقوق المشروعة، كجزء من المبادئ والأخلاقيات التي تربى عليها اليمنيون، من منطلق إيماني، ووعي عميق، بأن القضايا الإسلامية والعربية تتداخل مع قضيته، وأن تحرير فلسطين، ودعم المظلومات، هو من صلب القيم التي يتمسك بها الشعب اليمني، حنكةً في ربط انتمائه الوطني والديني
إن ثورة 21 سبتمبر ليست مجرد حدث عابر، وإنما هي صفحة من صفحات النضال اليمني، تؤكد أن ثبات الشعب والتفافه حول قيادته هو أساس حتمي للانتصار، وأن الرد الحقيقي على التحديات هو تجذير الهوية الإيمانية، وتوحيد الجهود، والعمل المنهجي، لإعادة بناء الوطن، واستعادة عدله وكرامته، وفق منهجية تعتمد على الوعي، والابتكار، والتكاتف.
الحوثيون اليوم يُثبتون أن السيطرة على رقعة جغرافية ليست الهدف، إنما هو الدفاع عن هوية اليمن، وإرادته الحرة، التي يروّجُ لها أبناء شعبه ويقودهم مخلصون، مؤمنون بعدالة قضيتهم، ورافضون لمشاريع الهيمنة والاستعباد.
والشاهد على ذلك أن اليمن بمواقفه وثوابته يُشكل نموذجًا حيًا للعزة والكرامة في زمن تتربص به المشاريع الاستعمارية والتآمرية. إن الصمود اليمني، بقيادة قيادته الحكيمة، يمثل رسالة قوية للعالم بأجمعه أن إرادة الشعوب الحرة لا تُقهر، وأن الحق لن يُضيع مهما كانت التحديات والصعاب.
وفي ظل الأوضاع الراهنة، تؤكد اليمن أن الاستقلال والسيادة ليست مجرد مفردات، بل هي حق مشروع يجب أن يُدافع عنه بكل الوسائل الممكنة، وأن الاستهانة بقوة الشعوب الحرة وتضحياتها هو خطأ فادح، لأن الأمة التي تمتلك إرادة حقيقية لم ولن تهزم، وسيظل الشعب اليمني مثالًا حيًا لذلك.
ولذل أن استمرار اليمن في مسيرته النضالية، معتمداً على وعي أبنائه، وتوحدهم، وارتباطهم بقيمهم الإيمانية والوطنية، ليكتب صفحة جديدة من الانتصارات، ويكسر كل الحواجز التي تعترض طريق سيادته، مؤكدًا أن مقاومته ليست فقط للدفاع عن أرضه، بل عن هويته ومبادئه، وأن عظمة اليمن ستظل تاجًا على رأس الأمة، وصمام أمان للكيان العربي والإسلامي، موضحًا أن مستقبل اليمن يظل مشرقًا، طالما استمرَّ في احتضان أبناءه ورفض الاحتلال، ليبقى دائمًا منارة للأمل والصمود في مواجهة محاولات النيل من سيادته