الجمهورية الإيرانية الإسلامية… نبضُ النبوّة في قلب الزمان ورايةُ العدل في وجه الطغيان:
بقلم: الدكتور أحمد صدام كاظم الساعدي
في خضم هذا الصراع المحتدم بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني الغاصب، لا يمكن قراءة الأحداث بمعزل عن سياقها الروحي والتاريخي، فالصراع ليس بين دولتين فحسب، بل بين مشروعين حضاريين متناقضين: أحدهما يستمد جذوره من القيم الإلهية والنبوة والعدالة، والآخر يقوم على الاحتلال والإفساد والتسلط.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تكن مجرد كيان سياسي ظهر في أواخر القرن العشرين، بل هي امتداد طبيعي لخط الإسلام المحمدي الأصيل، الذي أرساه النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله، ومضى عليه علي بن أبي طالب والأئمة المعصومون عليهم السلام، أولئك الذين بشّروا بظهور راياتٍ من المشرق، تسير نحو نُصرة الحق، وتهيئة الأرض لقيام دولة العدل الإلهي.
لقد ورد في بعض الروايات عن أهل البيت عليهم السلام، أن “قوماً يخرجون من خراسان، يحملون راياتٍ سود، يمهدون للحق ولا يرده إلا الظالمون”. وقد فُسّرت هذه الرايات من قِبل العلماء بأنها إشارة إلى دولة تؤمن بالإسلام الأصيل، وتحمل في مشروعها بعدًا عالميًا لرفع الظلم وإقامة العدل، وهذا ما تجسده الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في عقيدتها، ومواقفها، ودماء شهدائها.
إن مساندة هذه الدولة، ليست موقفًا سياسيًا عابرًا، بل هي موقف ديني وشرعي وأخلاقي، إذ أن الوقوف مع راية الحق هو وقوف مع الأنبياء جميعًا، مع رسول الله محمد (ص)، مع علي بن أبي طالب (ع)، مع الحسين في كربلاء، ومع الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف).
وليس في التاريخ ما يدل على خذلان هذه الراية، بل على العكس، فإن كل من ناصرها رفعه الله، وكل من خذلها، سقط ولو بعد حين.
شواهد تاريخية على نصرة الحق والانتصار الإلهي:
1. الأنصار في المدينة المنورة: حين بايعوا النبي (ص) تحت العقبة، لم تكن مصلحتهم الدنيوية ظاهرة، بل كانت الرؤية دينية، ومع ذلك نصرهم الله ورفع ذكرهم.
2. موقف الإمام علي (ع) يوم الخندق: حين تصدّى بنفسه لعمرو بن عبد ود، كانت تلك لحظة فاصلة أنقذت الإسلام، وقد وصفها النبي بأنها “ضربة علي يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين”.
3. العباس بن علي (ع) يوم عاشوراء: مضى وهو يعلم أن النصر العسكري لن يتحقق آنذاك، لكن نصر الدم على السيف تحقق، وانتصر مشروع الحسين.
4. علماء الشيعة في ثوراتهم الكبرى:
• ثورة الشيخ محمد كاشف الغطاء ضد الاحتلال البريطاني.
• ثورة السيد حسن الشيرازي ضد الشاه.
• ثورة الإمام الخميني (قدس سره) ضد نظام الطاغوت، التي أثمرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
هذه الشواهد كلها تقول: حين ترتبط الأمة بخط الوحي والعدل، فإن الله يسدّدها، وإن قلّ عددها وضعفت عدّتها.
الرسالة:
على الأمة الإسلامية أن تعي أن الابتعاد عن مناصرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لا يعني حيادًا، بل انحيازًا ضمنيًا للباطل. فإيران اليوم لا تقاتل لنفسها، بل تقاتل نيابة عن كل الأمة، عن كربلاء، عن الأقصى، عن المستضعفين في اليمن، وغزة، ولبنان، وسوريا، والبحرين، والعراق.
من يظن أن بإمكانه أن يتجنّب هذه المعركة فهو واهم، لأن الصراع بين الحق والباطل لا يستأذن أحدًا. وإن النصر في النهاية مكتوبٌ في اللوح المحفوظ لأصحاب الراية التي لم تتلطخ بالتحالفات الخائنة ولا التنازلات المذلّة.
وأخيراً:
من وعى مأساة التاريخ، لم يتردد في الوقوف مع حملة رايات الحق، فإن الله لا يخذل من نصر دينه، وإن راية الجمهورية الإسلامية الإيرانية اليوم، ليست راية قومٍ أو أرض، بل راية الرسالة المحمدية العلوية المهدوية التي ستُتمّ النور ولو كره الكافرون.