من غدير خم إلى القدس: مشروع الولاية في مواجهة مشروع الغصب
بقلم_ أحمد صدام كاظم الساعدي
ما يحدث اليوم بين الجمهورية الإسلامية في إيران والكيان الصهيوني الغاصب ليس مجرد تصادم سياسي أو عسكري، بل هو امتداد لمعركة الحق مع الباطل، التي تأسّست جذورها في غدير خم.
في يوم الغدير، حين وقف النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في صحراءٍ قاحلة، ورفع يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال:
“من كنتُ مولاه، فهذا عليٌّ مولاه”،
لم يكن يؤسس لعاطفة شخصية، بل لنظام إلهي في القيادة، قائم على العدالة والعصمة والاستقامة، ليكون الضمانة لحفظ الدين بعد رحيل الرسالة.
الغدير كان لحظة حسم، فيها أُعطي الناس ميزان التفريق بين الإيمان والنفاق، وبين من يتمسّك بعهد الله، ومن ينقض الميثاق.
واليوم، بعد أكثر من 14 قرنًا، ما تزال الشيعة الإمامية، وفي طليعتهم الجمهورية الإسلامية في إيران، أوفى الناس لهذا العهد، ولتلك البيعة التي لم تكن لحظة عاطفية، بل أساسًا لمنهج الحكم والولاء.
حين تقول إيران: “لن نعترف بإسرائيل، ولن نتخلى عن فلسطين”، فإنها بذلك تفعّل بيعة الغدير، وتجعلها ميزانًا سياسيًا ومعيارًا أخلاقيًا.
فالذي بايع في الغدير، لا يركع للطغاة، والذي قال: “عليٌّ مولاي”، لا يمكن أن يهادن من قتل الأطفال واغتصب الأرض وشرّد الشعب.
أما الكيان الصهيوني، فهو امتداد للنكث الأول، للذين أعرضوا عن الولاية بعد الغدير، وابتدعوا لأنفسهم شرعية قائمة على الغلبة والسيف، لا على النص والحق.
في كل صاروخ تطلقه المقاومة، في كل درع تصنعه إيران، في كل موقف يُعلن ضد التطبيع، يُجدَّد العهد مع الغدير، ويُقال: “نحن أبناء من بايع عليًا في الغدير، وسنبقى نواجه الغاصب إلى آخر نبض في هذه الأمة.”
الغدير ليس ذكرى، بل هوية، وإيران، بما تمثله من محور عقائدي ومقاوم، ليست دولةً فقط، بل وريث مشروع الولاية الحقيقي، الذي بدأ يوم الغدير ولم يتوقف، فمن بيعة الغدير إلى قُبّة الصخرة، خطٌّ واحد، ترسمه الشيعة بدم الشهداء، وترفعه بصوت المقاومة، وتُسطّره في وجدان الأمة بوصفها من أصحاب العهد الأول، لا من الناكثين عنه.