سقوط الـ F-35: حين تتحوّل التقنية إلى مقاومة والعِلم إلى سلاح

بقلم_  الدكتور أحمد صدام كاظم الساعدي

“تخيّل أن تصطاد طائرة أمريكية من الجيل الخامس، ثم تعيد تفكيكها، وتقرأ كل ما فيها، وتكتشف لغة الحرب القادمة من جوف إلكترونياتها المعقدة!”
هذا ليس خيالًا، بل حدثٌ يوشك أن يُعلن ميلادًا جديدًا لعصر إسلاميٍّ تكنولوجي، تتصدره الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لا بشعاراتها فقط، بل بعقلها العلمي وصبرها الهندسي ومشروعها السيادي طويل النفس.

ما معنى إسقاط طائرة F-35؟

حين تتحدث الأخبار – المؤكدة أو حتى المُسرّبة – عن إصابة أو إسقاط مقاتلة من طراز F-35، فإننا لا نتحدث عن مجرد نصر عسكري ميداني، بل عن خرقٍ معرفي استراتيجي بالغ الخطورة:
1. كشف البنية التشويشية للطائرة:
إسقاط الطائرة أو حتى اعتراضها بنجاح يعني أن إيران قد اخترقت، أو على الأقل، فهمت نظام التخفي والرادار المنخفض لهذه الطائرة، وهو ما لم تتمكن منه دول كبرى.
2. الحصول على بيانات الاشتباك والتوجيه:
الطائرة الحديثة لا تحارب وحدها، بل تقاتل ضمن شبكة إلكترونية تشمل الأقمار الصناعية ومراكز القيادة والطائرات بدون طيار. امتلاك شيفرة واحدة منها قد يُمكّن إيران من اختراق البقية، أو على الأقل، إرباكها.
3. فضح منظومة التنسيق الغربية والإسرائيلية:
إسقاط الطائرة يكشف، بشكل غير مباشر، خريطة التفاهم الاستخباري بين “إسرائيل” وحلفائها (أميركا، بريطانيا، فرنسا). هذا يُتيح لطهران أن تقرأ كيف يُنسَّق الهجوم، وأين تُجهّز الأهداف، وكيف تُدار الحرب الحديثة.
4. معرفة نقاط الضعف في مطارات ومراكز القيادة:
الطائرات لا تحارب فقط، بل تقلع وتهبط وتتزود وتُخزَّن، وإيران ستكون قادرة على تعقب مطارات بديلة، ومستودعات الوقود، بل وحتى الممرات الاحتياطية، مما يُربك كامل الحسابات.

التكنولوجيا الإيرانية: من الدفاع إلى التفوق

حين سقطت طائرة التجسس الأميركية بدون طيار “RQ-170 Sentinel” عام 2011 في شرق إيران، لم تُطلق طهران تصريحات نارية، بل عملت بهدوء. وبعد أشهر، كشفت عن نسخة إيرانية مطابقة لها، في دليل عملي على امتلاك خبرات الهندسة العكسية.
واليوم، يُشار إلى أن طهران لديها “نسخ مطورة” من هذه الطائرات تستخدمها في الرصد والاستطلاع والضربات الدقيقة.

وفي عام 2020، حين تم اغتيال الشهيد قاسم سليماني، بدأت إيران تُسابق الزمن في دمج الذكاء الصناعي، والبرمجيات العسكرية، والطائرات المسيرة، والصواريخ الدقيقة، وهو ما برز بقوة في معركة “الرد الكبير” على الكيان الصهيوني، حين تم استخدام أكثر من 300 مسيّرة وصاروخ بطريقة متزامنة دقيقة.

نماذج من الحاضر تُثبت التفوق التقني الإيراني:
1. نظام “بافار 373”:
منظومة دفاع جوي صنعتها إيران محليًا، تُضاهي الروسية S-300، وتتمتع بقدرة رصد لأهداف متعددة، ومقاومة تشويش، واعتراض طائرات شبحية.
2. طائرة “كمان-22” المسيّرة:
طائرة مسيّرة ثقيلة، قادرة على حمل صواريخ جو ـ أرض، وتقطع مسافات طويلة، بقدرات تشويش واستطلاع عالية، وتشكل جزءًا من سلاح الجو الجديد غير المأهول.
3. البرنامج الفضائي:
إيران أطلقت عدة أقمار صناعية بنجاح، آخرها قمر “نور” العسكري الذي وصل مدارات استراتيجية، ويُستخدم في عمليات الرصد والمتابعة والتحكم.
4. شبكات القيادة الذكية:
بعد تجارب الحرب الإلكترونية، طورت إيران مراكز قيادة مرنة تعتمد على الاتصالات المشفرة، الذكاء الصناعي، أنظمة محاكاة معركة واقعية، مما يجعلها مؤهلة لقيادة معارك لا مركزية على أكثر من جبهة.

دروس التاريخ: تكشف حين يكون العِلم سبيلًا للكرامة
فالصحابي سلمان الفارسي، أتى من بلاد فارس إلى المدينة ليُسهم في الدفاع عن الإسلام بحفر الخندق، مستندًا إلى خبرة هندسية.
واليوم، تُعيد إيران، بلاد سلمان، دورها بوسائل العصر: الحفر صار تشويشًا إلكترونيًا، والسدود أصبحت رادارات، واليوم، تحاول الجمهورية الإسلامية أن تُعيد الاعتبار للعِلم كوسيلة نهوض لا كترف نظري، فتنتج العلماء بدل استيراد المستشارين، وتفتح الجامعات بدل استئجار شركات أجنبية.

إلى أين يمضي المستقبل؟

مع كل قصف أو مواجهة، تُثبت الجمهورية الإسلامية أن العقل المؤمن حين يُسلّح بالمعرفة يمكن أن يهزم أعقد أدوات الشرّ التكنولوجي.
وإذا صحّت التقارير حول سقوط طائرة F-35، فهذا لا يعني فقط نصرًا تكتيكيًا، بل أنه أول حجر في طريق تفكيك الأسطورة الأمريكية حول طائرات “الشبح” التي لا تُقهر.

نعم التكنولوجيا ليست محايدة، بل أداة في يد من يمتلك الإرادة والرؤية.
وإيران اليوم، بمؤسساتها العسكرية والعلمية، تقدم نموذجًا حيًّا لدولة تُطوّع العِلم لخدمة مشروعها السياسي والعقائدي، وتمنح الأمة الإسلامية جرعة أمل بأن القوة ليست حكرًا على الغرب، بل ثمرة صبرٍ ودماءٍ ووعيٍ ذاتيٍّ بالكرامة والسيادة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى