إسرائيل تحصد نار عدوانها على غزة على يد إيران.
بقلم – د. محمد حسن الرقيمي
في خطوة اعتبرتها تل أبيب ضرورية لحماية أمنها القومي، أقدمت إسرائيل على شنّ هجوم واسع ضد إيران، متجاهلة التداعيات المحتملة لهذه المغامرة العسكرية لكنها لم تدرك أن هذه الحرب قد تفتح أبوابًا جديدة للصراع الإقليمي خاصة مع توسع دائرة المواجهة لتشمل غزة واليمن ومناطق أخرى فبعد أن كانت إسرائيل تتفاخر بقدرتها على توجيه ضربات دقيقة لإيران وجدت نفسها غارقة في موجة من الردود الصاروخية التي هزّت عمقها الاستراتيجي.
فيعتبر العدوان إسرائيل على إيران مقامرة غير محسوبة.
فالعملية العسكرية الإسرائيلية كانت تهدف إلى تقويض قدرات إيران النووية والعسكرية عبر ضربات مركّزة استهدفت منشآت نووية ومراكز تصنيع عسكري في نطنز وفوردو بالإضافة إلى استهداف قيادات بارزة في الحرس الثوري ورغم أن إسرائيل كانت تسعى إلى تحقيق ردع سريع إلا أن الرد الإيراني جاء زلزاليًا حيث أطلقت طهران أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا ومئات الطائرات المسيّرة ما أدى إلى دمار واسع في البنية التحتية الإسرائيلية وإصابة عشرات المدنيين وإجلاء الآلاف إلى الملاجئ في مشهد لم تشهده إسرائيل منذ حرب 1973.
قدرة إسرائيل على مواجهة حرب استنزاف طويلة
رغم امتلاك إسرائيل ترسانة عسكرية متطورة وأنظمة دفاع جوي مثل القبة الحديدية ومقلاع داوود إلا أن كثافة الهجوم الإيراني أظهرت أن هذه الدفاعات ليست محصنة ضد موجات صاروخية مكثفة. ويبدو أن إسرائيل لا تملك القدرة على تحمّل حرب استنزاف طويلة خاصة في ظل هشاشة الجبهة الداخلية والانقسامات السياسية المتزايدة، إضافة إلى الضغط النفسي الناتج عن استمرار القصف الإيراني الذي بدأ يُحدث ارتدادات سياسية وشعبية داخل إسرائيل.
الموقف الشعبي الإسرائيلي بين القلق والغضب
لماشاهدناه في بداية الهجوم كانت الشوارع الإسرائيلية تشهد حالة من الاصطفاف خلف القيادة السياسية والعسكرية لكن مع توالي الضربات الإيرانية وتفاقم الخسائر بدأ المزاج الشعبي يتغير حيث خرجت مظاهرات في تل أبيب وحيفا تطالب بوقف الحرب وسائل الإعلام الإسرائيلية بدأت تتساءل عن جدوى هذه المعركة وبدأت أصوات داخل الكنيست تطالب بإعادة تقييم الاستراتيجية العسكرية بل وحتى دراسة إمكانية فتح قنوات تفاوض غير مباشرة مع طهران.
فإيران رغم الخسائر… قادرة على التعويض
فلا شك أن إيران تكبّدت خسائر كبيرة في الأرواح والبنية التحتية النووية والعسكرية لكن طهران أثبتت قدرتها على احتواء تداعيات الهجوم وإعادة التموضع بسرعة حيث عملت على تعزيز جاهزية منظوماتها الدفاعية واستنفرت حلفاءها في المنطقة لدعم موقفها العسكري والسياسي. كما أنها تمتلك أدوات تعويض استراتيجية بدءًا من نفوذها في الخليج ومضيق هرمز وصولًا إلى قدرتها على الضغط عبر تحالفاتها الإقليمية.
ما هو مصير العدوان الإسرائيلي على غزة في ظل الحرب مع إيران؟.
مع احتدام المواجهة الإسرائيلية الإيرانية بدأت أصوات ترتفع داخل القيادة العسكرية الإسرائيلية محذّرة من خطورة خوض حرب على عدة جبهات في آنٍ واحد المقاومة في غزة لم تقف مكتوفة الأيدي، واستغلت هذه اللحظة لتكثيف عملياتها ضد إسرائيل، ما يجعل تل أبيب أمام تحدٍ مضاعف في المواجهه مع إيران من جهة والتعامل مع تصعيد غير مسبوق من قطاع غزة من جهة أخرى. بالإضافة إلى تهديدات حلفاء إيران في كل دول محور المقاومة وأبرزها من انصار الله في اليمن.
فنتسائل حول هل إسرائيل قادرة على الاستمرار في هذه المواجهة؟
السيناريوهات الحالية تشير إلى أن إسرائيل تواجه أصعب تحدٍ استراتيجي منذ عقود، فبينما كانت تتوقع حربًا محدودة ضد إيران وجدت نفسها في مواجهة إقليمية قد تستنزف قدراتها العسكرية والاقتصادية استمرار الحرب بهذا النسق قد يدفع القوى الدولية للتدخل لفرض وقف إطلاق النار، أو يدفع إسرائيل لإعادة تقييم استراتيجيتها والبحث عن مخرج سياسي يخفف من حجم الخسائر المتراكمة.
خاتمة… حين يتحول الهجوم إلى نقطة ضعف
إسرائيل في سعيها لتوجيه ضربة قاضية لإيران، دخلت في مواجهة مفتوحة لا يمكنها التحكم بمسارها وبدلًا من تعزيز أمنها القومي، زادت من حجم التهديدات التي تواجهها على مختلف الجبهات. قد يكون الحل العسكري مستبعدًا في ظل التصعيد المتزايد ما يعني أن المنطقة قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من الحسابات الاستراتيجية التي قد تعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط.