من الوعد الصادق إلى أبواب جهنم

بقلم _ إلهام الأبيض

في لحظة فارقة من تاريخ الصراع الأبدي بين الحق والباطل، تتجلّى أبعاد المواجهة الحقيقية في المنطقة. فمع كل تصعيد، يُميز الله الخبيث من الطيب، وتتضح معالم المعركة الفاصلة. لقد اشتعلت جبهة جديدة بعدوان إسرائيلي سافر، مدعوم أمريكياً، استهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تقبض على الجمر وتتحمل الأعباء الجسام من أجل القضية الفلسطينية. هذا الهجوم، الذي تذرع الأعداء فيه بذرائع واهية، ليس سوى محاولة يائسة للتنصل من حقيقة أن دعم إيران الثابت لحركات المقاومة هو جوهر غضبهم. إنها ليست مجرد غارات عسكرية، بل هي مغامرة استراتيجية خطيرة، تضع كيان العدو على المحك، وتفتح فصلاً جديداً في سجل المواجهة.
هذا الهجوم الإسرائيلي، الذي تمثل في غارات فجر الجمعة على العاصمة الإيرانية طهران ومحافظات أخرى مستهدفاً قيادات عسكرية وعلماء نوويين، يهدف إلى تكريس الاستباحة وفرض معادلة جديدة. إنه يمثل في جوهره مغامرة استراتيجية خطيرة. إن استهداف إيران، الدولة والثورة، ليس مجرد تصعيد تكتيكي، بل هو وضع لكيان العدو بحماقته على خط النهاية. فتلك إيران ليست لقمة سائغة لأمريكا وذئابها؛ إنها قوة إقليمية ذات عمق استراتيجي وعقائدي. وسيرى المعتدون أنهم بمغامرتهم هذه، التي زعموا أنها لإغلاق خطر نووي مزعوم، قد فتحوا على كيانهم أبواب جهنم، وأشعلوا ناراً لن يطفئها إلا ثمن باهظ.
لا يُتوقع أن يُقدم الكيان المؤقت جردة كاملة لخسائره جراء عملية “الوعد الصادق” في نسختها الثالثة، فالصهاينة أسرى رعب استمرار حالة الرد الإيراني، وهو ما يمنع عنهم بشكل حاسم الشعور بأن كل شيء قد انتهى. هذا الرعب المتواصل هو جوهر الردع الاستراتيجي الذي تسعى إليه المقاومة. وسواء أطالت الحرب أو قصرت، لا بد من كسر شوكة التوحش الصهيوني وعدم التوقف عند حافة إيلامه، بل المضي قدماً نحو تحييد قدرته على العدوان. الفرصة سانحة الآن لإعادة الاعتبار للجمهورية الإسلامية في إيران، وتأكيد مكانتها كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها.

من منبر الولاية ويومها الأغر، يوضح السيد القائد أن هذه المواجهة ليست مجرد صراع عسكري، بل هي امتداد لصراع تاريخي وعقائدي. تماماً كما تذكرنا ذكرى الغدير بأننا ورثة حيدر الكرار، وتسلح أمتنا من جديد كلما استحضرت روح ذي الفقار في المواجهة مع خيبر، فإنها تحثنا على توليه تولياً صادقاً وعملياً. هذا الولاء العملي يؤهلنا لمواجهة اليهود والمضي بخطى ثابتة في الصراع مع أهل الكتاب، لنكون حزب الله الغالب في مرحلة لم يعد فيها التحدي في مساحة التكتيك، بل أصبح على الخناق مباشرة.

لقد أظهر الإسرائيلي المجرم وحلفاؤه، قبل وبعد عملية “الوعد الصادق الثالثة”، أنهم اتخذوا قراراً بالذهاب حتى النهاية في العدوان. ولا بد في مقابل ذلك من تتالي ملاقاتهم في منتصف الطريق ومنازلتهم ببأس شديد، كخيار ضرورة قصوى للتنكيل بالعدو وتقييده برادع يُلزمه إعادة النظر مرتين، بل ومرات، فيما يمكن أن يُقدم عليه. ومع كل مرة يرجع فيها التفكير والتآمر، ينقلب خاسئاً وهو حسير.

وعلى خط إسناد غزة، واصل الشعب اليمني مظاهراته المليونية، مندداً بالعدوان على إيران، ومؤكداً حقها في الرد الكاسح بإذن الله. إنه لشرف عظيم أن تكون في زمن العربدة الأمريكية والصهيونية على خط المواجهة بكل قوة وعزة واقتدار. وكما شعب فلسطين في التضحية والفداء، وشعب اليمن في الإسناد، فهذه إيران لها الفضاء مفتوح لإمطار كيان العدو بالصواريخ الثقال، مؤكدة أن ميزان القوى يتغير. وما النصر إلا من عند الله العزيز الجبار، الذي وعد عباده بالنصر والتمكين.
إن ما شهده العالم ليس مجرد تبادل للقصف، بل هو إيذان بمرحلة جديدة من الصراع، حيث لم يعد التحدي تكتيكياً بل وجودياً. لقد أخطأ الكيان الصهيوني وحلفاؤه في تقدير الموقف، وظنوا أنهم قادرون على فرض إرادتهم بالقوة، فإذا بهم يفتحون على أنفسهم أبواب جهنم، ويواجهون إرادة لا تلين. إن صمود إيران، وتضحيات شعب فلسطين، وإسناد اليمن الأبي، كلها تجليات لنهج المقاومة الذي لا يعرف التراجع. هذا النهج، المتجذر في الإيمان بولاية الحق، هو الذي سيحسم المعركة. فليعلم المتغطرسون أن ميزان القوى يتغير، وأن زمن الاستباحة قد ولى. وما النصر إلا من عند الله العزيز الجبار، الذي وعد عباده بالنصر والتمكين.

#اتحاد_كاتبات_اليمن
https://t.me/+yZJA_dQVii84Y2Vk

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى