إيران تفرض قواعد المعادلة وإسرائيل في مأزق
بقلم _ إلهام الأبيض
في أعقاب عملية “الوعد الصادق” الأخيرة، وما تبعها من تطورات متسارعة في المشهد الإقليمي، بات من الواضح أن الكيان الصهيوني يواجه مأزقاً استراتيجياً عميقاً في أي مواجهة محتملة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. تحليل دقيق للأحداث يكشف عن عدة مؤشرات حاسمة تدعم هذا الاستنتاج:
1. تآكل نظرية الردع الإسرائيلية أمام الإرادة الإيرانية:
لطالما اعتمد الكيان الصهيوني على أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر” كركيزة لردعه الإقليمي. إلا أن الرد الإيراني المباشر، الذي تجاوز الخطوط الحمراء التقليدية واستهدف عمق الكيان (بما في ذلك مواقع حساسة مثل حيفا، ومقرات عسكرية، وقواعد جوية)، قد كشف عن هشاشة هذا الردع. الأهم أن إيران لم تستخدم سوى جزء يسير من قدراتها (أقل من 5% وفق التقديرات)، ومع ذلك أحدثت إرباكاً غير مسبوق في منظومات الدفاع الجوي المتعددة، وزعزعت الثقة الداخلية في قدرة الكيان على حماية نفسه.
2. تفوق الميزان العسكري النوعي والكمي لصالح إيران:
تمتلك إيران ترسانة صاروخية هائلة، تُقدَّر بمئات الآلاف من الصواريخ الباليستية والمجنحة. في المقابل، فإن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، وحتى تلك المدعومة دولياً، مصممة لاعتراض أعداد محدودة، مما يجعلها عرضة للتشبع في حال شن هجوم واسع النطاق. علاوة على ذلك، شهدت الصواريخ الإيرانية تطوراً ملحوظاً في السرعة والدقة والقدرة على المناورة، مما يضمن وصولها إلى الأهداف الاستراتيجية والحيوية داخل الكيان في أي مواجهة شاملة.
3. العمق الاستراتيجي الإيراني مقابل الهشاشة الجغرافية الإسرائيلية:
تتفوق إيران على الكيان الصهيوني بشكل ساحق في العمق الجغرافي والديموغرافي، حيث تبلغ مساحتها نحو 80 ضعفاً لمساحة إسرائيل، وعدد سكانها يفوق 10 أضعاف. هذا يمنحها قدرة أكبر على امتصاص الضربات وتوزيع الأضرار. فبينما تعتمد إسرائيل على منشآت حيوية مركزية ومكشوفة (كمدن حيفا وتل أبيب)، تتمتع إيران ببنية تحتية موزعة ومنشآت محصنة تحت الأرض (كالمفاعلات النووية). اقتصادياً، أظهرت إيران مرونة استثنائية في مواجهة عقود من العقوبات، مما يجعلها أكثر قدرة على تحمل الضغوط، بينما يُعد الاقتصاد الإسرائيلي شديد الحساسية لأي اضطراب أمني، مما يهدد بانهيار فوري في حال تصاعد المواجهة.
4. ضبط النفس الاستراتيجي الإيراني والخيارات التصعيدية غير المستخدمة:
كانت الضربات الأخيرة بمثابة رسالة تحذيرية واضحة: “لدينا القدرة على الوصول إليكم، وما خفي أعظم”. لم تستخدم إيران بعد كامل ترسانتها العسكرية، بما في ذلك:
* صواريخ ذات قدرة تدميرية هائلة ومدايات أبعد.
* كامل أسطولها الهائل من الطائرات المسيرة، القادر على إغراق الأجواء الإسرائيلية.
* قدراتها المتقدمة في الحرب السيبرانية، التي يمكنها شل البنى التحتية الحيوية للعدو، كأنظمة الكهرباء والاتصالات.
وبذلك تحول جذري في معادلة الردع ومأزق وجودي للكيان
لقد انقلبت المعادلة الاستراتيجية بشكل لا رجعة فيه. لم يعد الكيان الصهيوني قادراً على حسم أي مواجهة عسكرية، فإيران تمتلك القدرة على إدامة الضربات وتصعيدها بشكل مستمر. الخيار الوحيد المتاح أمام إسرائيل هو الإذعان لـ”معادلة الردع الجديدة” التي فرضتها طهران، أو الانزلاق إلى حرب شاملة ستكون نتائجها كارثية وتنهي أسطورة التفوق العسكري الصهيوني المزعوم. إيران اليوم تمسك بزمام المبادرة الاستراتيجية، بينما يجد الكيان نفسه محاصراً، أشبه بـ”عصفور في قفص” أمام القدرات المتنامية والإرادة الصلبة للجمهورية الإسلامية.
#اتحاد_كاتبات_اليمن
https://t.me/+yZJA_dQVii84Y2Vk