إيران ترد برسائل استراتيجية.. خطاب الإمام الخامنئي يعمّق مأزق الاحتلال

عبدالله علي هاشم الذارحي

يُعدّ خطاب الإمام السيد علي الخامنئي رسالة واضحة للكيان الصهيوني، تؤكد ثبات الموقف الإيراني واستمراره في النهج المقاوم. وقد قرأ الاحتلال هذا الخطاب باعتباره إشارة إلى مرحلة جديدة ستشهد تصعيدًا في الردود الإيرانية، وفق ما عبّر عنه القائد الأعلى للجمهورية الإسلامية.

هذا الخطاب أثّر بوضوح على حسابات الاحتلال واستعداداته، خاصة في ما يتعلق بتوقعاته للضربات المقبلة التي قد تستهدف الجبهة الداخلية بفعل الردود الإيرانية المتوقعة. وقد ركّز إعلام الاحتلال على مضامين الخطاب، الذي أكد فيه السيد الخامنئي حق إيران في الدفاع عن نفسها، نافياً أن تكون قد ارتكبت أي عدوان، في حين يتهم الكيان بخرق القوانين الدولية وممارسة عدوان ممنهج.

اللافت أيضًا أن المتابعة الصهيونية للخطاب أولت اهتمامًا بالبعد القانوني الذي طرحته إيران، واعتبرت أن الكيان تجاوز كل المواثيق، في ظل غطاء ودعم دولي مكشوف. وقد أثارت الرسائل الموجّهة إلى الولايات المتحدة قلقًا متزايدًا لدى الصهاينة، إذ إن أي تحذير صادر عن القيادة الإيرانية بشأن كلفة العدوان قد يضطر واشنطن إلى مراجعة حساباتها، ويجعلها أكثر ترددًا في الانخراط في مواجهة عسكرية مباشرة.

هذا القلق يدفع قادة الاحتلال إلى محاولة طمأنة الجانب الأمريكي، إذ نُقل عن بنيامين نتنياهو أنه قال إن تدخّل الولايات المتحدة لن يدفع إيران إلى تصعيد ردودها، وإنّ أي تدخل سيكون محدودًا وموجّهًا، بهدف ضبط المواجهة. لكن الواقع يشير إلى أن واشنطن أمام احتمال الانزلاق إلى صراع أوسع وأشد تكلفة، وهو ما يفرض عليها حسابات دقيقة ومعقدة.

من جهة أخرى، جاء خطاب السيد الخامنئي في توقيت حساس، بعد تهديد مباشر وجّهه مسؤولون أمريكيون إليه، ما أضفى على الخطاب بعدًا مضادًا. وقد ركّزت التحليلات الصهيونية على شخصية القائد، واعتبرته المحور الأساسي لاتخاذ القرار في إيران، والركيزة المعنوية والقيادية للشعب الإيراني. وبهذا المعنى، فإن تهديده أو استهدافه يمثل تهديدًا مباشرًا لثبات الموقف الإيراني بأسره.

وقد أكّد الخطاب أيضًا على الدور المحوري للشعب الإيراني، مشيدًا بصموده ومواقفه الثابتة في وجه العدوان. وفي المقابل، يظهر التناقض الحاد في تعامل سلطات الاحتلال مع مستوطنيها، حيث فرضت إجراءات صارمة ومنعت السفر، في ظل حالة من القلق دفعت البعض للتفكير بالهرب بحرًا من مناطق المواجهة.

هذه المفارقة تفضح هشاشة الجبهة الداخلية الصهيونية، في مقابل التماسك الشعبي الإيراني. ويُفهم الثناء الذي عبّر عنه السيد الخامنئي على الشعب الإيراني، في سياق إحباط رهانات الاحتلال على انقلاب شعبي داخلي كان يُعوّل عليه في هذه المرحلة.

وبحسب مصادر مطّلعة على الشأن الإيراني، فإن الحرب الحالية كان لها أثر معاكس لما خطط له الاحتلال، إذ دفعت حتى بعض المعارضين للنظام الإيراني إلى التوحد خلف القيادة، باعتبار ما يجري عدوانًا خارجيًا يستهدف الوطن ككل، ما أدى إلى تعزيز التلاحم الوطني في وجه التهديدات.

وبذلك، تكون حسابات الاحتلال بشأن إحداث شرخ داخلي قد انهارت منذ اللحظة الأولى للمواجهة. في المقابل، ترتفع أصوات الغضب داخل الكيان، لا سيما من قِبل المستوطنين الذين تضرروا من الردود الإيرانية، إذ باتت أعداد كبيرة منهم نازحين عن منازلهم، ويخشون أن تلقى قضيتهم الإهمال نفسه الذي لقيه نازحو الشمال والجنوب، والذين لم تُجدّد منازلهم، ولم يتلقوا أي تعويضات.

كما يفرض الاحتلال قيودًا صارمة على حرية الحركة، خاصة في ما يتعلق بالسفر عبر المطارات والموانئ، خوفًا من مشهد فرار جماعي يُحرج الجبهة الداخلية ويُظهر تصدعها. وتُعدّ هذه الصورة مؤشرًا خطيرًا، قد يكون تمهيدًا لانهيار شامل إذا استمرت إيران في تصعيد ضرباتها بالصورة نفسها.””

*المصدر: موقع المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى