بين واشنطن وطهران: هل تندلع الحرب الكبرى بعد الضربات الإيرانية لتل أبيب؟
بقلم _قاسم الغراوي
رئيس مركز انكيدو للدراسات
في الوقت الذي تُقرع فيه طبول الحرب، يبدو أن المنطقة بأكملها باتت تقف على حافة بركان… والشرارة الأولى قد لا تُطفأ بسهولة هذه المرة.
ففي لحظة فارقة من تاريخ الشرق الأوسط، ومع احتدام المواجهة بين إيران وإسرائيل بعد الضربات الصاروخية الدقيقة التي استهدفت تل أبيب، تصاعدت الضغوط داخل البيت الأبيض، خصوصًا مع إلحاح حكومة بنيامين نتنياهو على الرئيس دونالد ترامب لتوجيه ضربة أمريكية مباشرة لإيران.
هذا الطلب لا ينفصل عن السياق الأوسع، حيث تسعى إسرائيل إلى إضعاف قدرات إيران وردعها بعد أن كسرت لأول مرة قواعد الاشتباك التقليدية، ونقلت المواجهة إلى قلب “الداخل الإسرائيلي”.
وتبرز عدة سيناريوهات محتملة أمام واشنطن وطهران، لكل منها تداعياته الإقليمية والدولية:
السيناريو الأول: ضربة عسكرية محدودة أمريكية.
هجوم جوي وصاروخي يستهدف مواقع نووية ومراكز قيادة تابعة للحرس الثوري ومخازن صواريخ في إيران. حيث تنطلق من قواعد أمريكية مثل العديد (قطر)، الظفرة (الإمارات)، قاعدة الأمير سلطان (السعودية)، أو عبر حاملات الطائرات.
اهم اهداف الضربة المحدودة هو تدمير منشآت حساسة ، وكذلك تحجيم الردع الإيراني ، وتهدئة الرأي العام الإسرائيلي بعد الضربات على تل أبيب.
اما رد فعل إيران فهو ضرب قواعد أمريكية في الخليج، ومهاجمة إسرائيل مباشرة. وربما هناك احتمال تصعيد عابر للحدود عبر “محور الmقاومة” (حzب الله، الhوثيين، الfصائل العراقية). مما يشعل ساحة الخليج برمتها.
السيناريو الثاني: حرب إقليمية شاملة.
تدخل أمريكي عسكري واسع يشمل غارات كثيفة، عمليات إلكترونية، و(ربما) إنزال بري جزئي وإسرائيل تنخرط بالكامل في الحرب إلى جانب أمريكا.
ولكن النتيجة ستكون حرب متعددة الجبهات من لبنان ستنطلق آلاف الصواريخ من حzب الله ، ومن اليمن: قصف العمق السعودي والإماراتي ، ومن العراق عمليات استنزاف ضد القواعد الأمريكية ، والنتيجة انهيار الأمن الإقليمي، وتهديد الملاحة في مضيق هرمز. وتراجع كبير في إمدادات النفط وارتفاع الأسعار عالميًا.
السيناريو الثالث: حرب استخبارية وعمليات نوعية:
بتنفيذ عمليات اغتيال. لقادة إيرانيين.
وتفجيرات داخلية في إيران تستهدف ارباك الوضع الداخلي ومنشآت حيوية، وكذلك هجمات إلكترونية على شبكات الطاقة والمنشآت النووية.
والهدف من هذا الاسلوب هو تفادي المواجهة المباشرة وفي نفس الوقت
لزعزعة استقرار الداخل الإيراني، ودفع كلفة استمرار إيران بمساندة المقاومة .
اما رد الفعل الإيراني فستكون عمليات انتقامية غير متماثلة ضد أهداف أمريكية في المنطقة ، وتصعيد في البحر الأحمر والخليج العربي.
السيناريو الرابع: التهديد والردع المتبادل دون حرب: وهذا ماتعمل عليه أمريكا وهو توجيه إنذارًا شديد اللهجة دون تنفيذ ضربة فعلية، وإيران ترد بإظهار الجاهزية العسكرية، بقصفها المستمر مع ضبط النفس مع امريكا وعدم التصعيد.
وامريكا تحاول تجنب الحرب المباشرة، لكن التوتر يبقى على السطح ، مع استخدام وسطاء مثل قطر أو سلطنة عمان لفتح قنوات خلفية للتهدئة ووجود دول اوربية تسعى للدخول على الخط وكذلك روسيا
وستستمر “حرب الاستنزاف الناعمة” بين الطرفين حتى تضع الحرب اوزارها
اما العوامل المحددة لمصير المواجهة: فهي قرار ترامب: هل يسعى لحرب تدعم موقفه الانتخابي؟ أم يتفاداها لتجنب غرق جديد في الشرق الأوسط؟ وماهي طبيعة الرد الإيراني: هل سيكون محدودًا أم شاملاً؟وكذلك موقف روسيا والصين والباكستان وكوريا هل يتدخلان لدعم إيران سياسيًا أو عسكريًا؟
دول الخليج بعضها تخسى أن تتحول أراضيه إلى ساحة قتال لذا يضغط بعدم دخول امريكا في الحرب لكون الصواريخ ستستهدف القواعد الامريكية فيها وربما مصدر الطاقة ايضا .ويبقى الرأي العام الأمريكي هل يدعم حربًا جديدة في الشرق الأوسط؟ وهل سيضغط اللوبي اليهودي باتجاه الحرب ام تضغط جماعة ميكا التي ترفع شعار امريكا اولا ولاتقبل المشاركة في الحروب .
إن انزلاق الولايات المتحدة نحو مواجهة مباشرة مع إيران سيكون تحولًا استراتيجيًا بالغ الخطورة، ليس فقط على مستوى الإقليم، بل على الاقتصاد والأمن العالميين. ومع أن إسرائيل تضغط من أجل “كسر شوكة طهران”، فإن حسابات الربح والخسارة في البيت الأبيض والبنتاغون تجعل خيار الحرب الكاملة مستبعدًا في الوقت الحالي، لكن ليس مستحيلًا.
19/6/2025
https://t.me/+dshAlnqux-llYjUy